للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل بقاء المرأة في بيتها تعطيل لنصف المجتمع؟

[السُّؤَالُ]

ـ[ما رأيكم فيمن يقول: إن الإسلام لما أمر المرأة بالبقاء في البيت قد حرم المجتمع من عملها، وترك نصف المجتمع معطلاً.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

رأينا في ذلك: أنه لا يمكن أن يقول هذا الكلام مؤمن، يؤمن بأن القرآن كلام الله، وأنه حق، وأن الله تعالى أمر فيه المؤمنين بما يصلحهم ويحقق سعادتهم في الدنيا والآخرة.

لأن الله تعالى خاطب أمهات المؤمنين، وهن أطهر النساء - وسائر نساء الأمة تبع لهن في هذا الأمر – بقوله: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب/٣٣.

فلا يمكن أن يعترض على حكم الله وأمره إلا رجل منافق، أو كافر، أو رجل انغمس في الجهل والشبهات والشهوات، حتى صار يقدم رأيه على كلام الله، وهو يظن أنه يحسن صنعاً.

ثانياً:

إذا نظرنا إلى واقع الدول الإسلامية، فإننا نتعجب كثيراً من ظهور هذه الدعوة، ونتعجب من المتحمسين لها.

وذلك أن هذه الدعوة قد تُقبل في مجتمع قد تعطلت مصانعه ومزارعه وشؤون حياته لكونهم لا يجدون من يقوم بها من الرجال، فحينئذ اتجهوا إلى المرأة، ودعوها إلى الخروج من البيت من أجل العمل، المتوقف عليها.

قد يكون هذا الكلام مقبولاً إلى حد ما، وبشروط وضوابط معينة.

لكن.. كيف راجت هذه الدعوة في بلاد فيها الملايين من الرجال لا يجدون العمل، ويعانون من البطالة؟!

ثم خرجت المرأة تنافسهم العمل، مما ضاعف البطالة وزادها.

فدعوى هؤلاء أن ترك النساء في البيوت تعطيل لنصف المجتمع عن العمل.

فيقال لهم: أي عمل هذا، الذي تعطل ببقاء المرأة في بيتها! وأنتم لا تجدون لأنفسكم ولا لأبنائكم عملاً ـ في الغالب ـ إلا بـ "الرشوة" أو "الواسطة" و "المحسوبية"!

فالبطالة التي تعاني منها أكثر الدول الإسلامية ـ إن لم نقل كلها ـ تنادي بكذب هؤلاء.

ثالثاً:

إن بقاء المرأة في بيتها ليس تعطيلاً لها عن العمل، بل هو تفريغ لها لتقوم بأعظم عمل، وهو تربية الجيل، وتنشئة رجال الأمة، فالمرأة هي أم العلماء، والمجاهدين، والدعاة، والمخترعين، والقادة، والأطباء، والمهندسين، والمعلمين.... إلخ.

فكيف يكون إعداد هؤلاء تعطيلاً عن العمل، وهل هناك عمل للمرأة أفضل من هذا!

ما هو دور المرأة الأهم؟ وهل هناك مجال للمقارنة بين العائد الاجتماعي الذي يحصده المجتمع من تأدية المرأة دورا رئيسا في بيتها، والعائد الاجتماعي من أدوار أخرى ثانوية وهامشية، تمارسها المرأة خارج بيتها: مضيفة طيران، أو سكرتيرة، أو مندوبة مبيعات!

لقد ثبت بالتجربة أن خروج المرأة من بيتها للعمل له آثار سلبية أكثر من المنافع التي قد تكون فيه، ومنها:

١- إهمال الأطفال من العطف والرعاية والتربية.

إن المرأة التي تعمل خارج البيت تقوم في كثير من الحالات بعمل يستطيع الرجل القيام بأفضل منه، وفي مقابل ذلك تترك المرأة في بيتها مكاناً خالياً لا يملؤه أحد.

فلا شك أن خروج المرأة للعمل، سيكون على حساب بيتها وزوجها وأولادها.

يقول ميخائيل جورباتشوف الرئيس السابق للاتحاد السوفيتي: "إن المرأة تعمل في مجال البحث العلمي، وفي الإنتاج والخدمات، وتشارك في النشاط الإبداعي، ولم يعد لديها وقت للقيام بواجباتها اليومية في المنزل (العمل المنزلي) ، وتربية الأطفال، وإقامة جو أسري طيب". ثم يقول:

"لقد اكتشفنا أن كثيراً من مشاكلنا في سلوك الأطفال والشباب وفي معنوياتنا وثقافتنا وإنتاجنا تعود جميعاً إلى تدهور العلاقات الأسرية، وهذه نتيجة طبيعية لرغبتنا الملحة والمسوَّغة سياسياً بضرورة مساواة المرأة بالرجل".

٢- عمل المرأة خارج المنزل، ولساعات طوال، يعرض المرأة لأنواع من الأمراض،

ففي مؤتمر للأطباء عقد في ألمانيا قال الدكتور كلين رئيس أطباء مستشفى النساء: إن الإحصاءات تبين أن من كل ثمانية نساء عاملات تعاني واحدة منهن مرضاً في القلب وفي الجهاز الدموي، ويرجع ذلك في اعتقاده إلى الإرهاق غير الطبيعي الذي تعاني منه المرأة العاملة، كما تبين أن الأمراض النسائية التي تتسبب في موت الجنين أو الولادة قبل الأوان قد تعود إلى الوقوف لمدة طويلة أو الجلوس المنحني أمام منضدة العمل أو حمل الأشياء الثقيلة، بالإضافة إلى تضخم البطن والرجلين وأمراض التشوه.

وفي الولايات المتحدة ٤٠% من النساء العاملات، وفي السويد ٦٠ % منهن، وفي ألمانيا ٣٠%، وفي الاتحاد السوفييتي سابقاً ٢٨ % يعانين من التوتر والقلق، وأن نسبة ٧٦% من المهدئات تصرف للنساء العاملات.

٣- عمل المرأة وخروجها من البيت، وتعاملها مع الزميلات – أو الزملاء – والرؤساء، وما يسببه العمل من توتر ومشادات - أحياناً-، يؤثر في نفسيتها وسلوكها، فيترك بصمات وآثاراً على تصرفاتها، فيفقدها الكثير من هدوئها واتزانها، ومن ثم يؤثر بطريق مباشر في أطفالها وزوجها وأسرتها.

ولا يخفى أن الأم بعد عودتها من عمل يوم طويل مضن في أشد حالات التوتر والتعب؛ مما يؤثر على تعاملها مع طفلها مزاجياً وانفعالياً.

٤- عمل المرأة غير نافع اقتصاديا!

ففي (٢٣/١٢/١٩٨٥م تقدم مجموعة من أطباء الأطفل بمذكرة للدكتور عاطف عبيد وزير شؤون مجلس الوزراء تدعو إلى مساعدة الأم المصرية للقيام بأهم وظائفها المتمثلة في رعاية الأطفال وتنشئتهم التنشئة الصحية السليمة ... وأيضاً: حمايةً للاقتصاد المصري من استنزاف ميزانيته في استيراد الألبان الصناعية..) .

وفي (٢١/٣/١٩٨٧م: أصدر رئيس هيئة القطاع العام للغزل والنسيج في مصر قراراً بمنع تعيين النساء في ثلاثين شركة غزل ونسيج، وقال: إنه استند في قراره هذا إلى أن العائد من عمل المرأة لا يتجاوز ٢٠% مما يحققه الرجل) .

فما هي الجدوى الاقتصادية إذاً من عمل المرأة؟

٥- عمل المرأة بدون قيود يساهم مساهمة فعالة في زيادة عدد البطالة.

فإذا أضفنا إلى تلك الأضرار: نسبة البطالة المرتفعة بين الشباب التي تسهم المرأة العاملة في ارتفاعها بينهم، والتي يتعاظم أثرها على الرجل أكثر المرأة في مجتمعاتنا، وما ينتج عن الفراغ المصاحب لذلك من مشكلات نفسية واجتماعية وأمنية ... لوقفنا حائرين أمام الإصرار على خروج المرأة إلى العمل.

وقد أثبتت التجربة الغربية فشل خروج المرأة للعمل، وبدأت النساء في الغرب يرجعن إلى بيوتهن.

فقد توصلت نتائج دراسات أذاعتها وكالات أنباء غربية في ١٧/٧/١٩٩١م إلى أنه خلال العامين السابقين هجرت مئات من النساء العاملات في ولاية واشنطن أعمالهن وعدن للبيت. ونشرت مؤسسة الأم التي تأسست عام ١٩٣٨ م في الولايات المتحدة الأمريكية أن أكثر من ١٥ ألف امرأة انضممن إلى المؤسسة لرعايتهن بعد أن تركن العمل باختيارهن. وفي استفتاء نشرته مؤسسة أبحاث السوق عام ١٩٩٠م، في فرنسا أجري على ٢.٥ مليون فتاة في مجلة ماري كير كانت هناك نسبة ٩٠% منهن ترغبن العودة إلى البيت لتتجنب التوتر الدائم في العمل، ولعدم استطاعتهن رؤية أزواجهن وأطفالهن إلا عند تناول طعام العشاء.

فهذه الأضرار ـ وغيرها كثير مما لم نذكره ـ تبين أن دعوة هؤلاء المرأة للخروج للعمل ليست من أجل ما يترتب عليها من منافع اقتصادية أو اجتماعية، بل لهم مآرب أخرى يخفونها من وراء هذه الدعوة.

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، ويرد كيد الخائنين.

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>