يزعم قدرته على معرفة السحرة من أسمائهم! فهل يستعان به لإيذائهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثني أخ لي عن شاب وهبه الله القدرة على اكتشاف السحرة , بمجرد معرفة أسمائهم , وعن طريق أدعية يقولها (لا نعرفها بالضبط) يستطيع أن يُمرض الساحر، أو يبتليه بحيث يدخله المستشفى. وهذا الشخص يصف للناس المصابين بالسحر، أو الممسوسين، أو الذين يعانون من أحوال غريبة , بحيث يقرأ الأدعية (ربما رقية) على الملح، أو السكر، أو الزيت , ويوصي أن هذا الملح يضاف على الأكل بعد طبخه، وليس أثناء الطبخ؛ لكي يكون له المفعول المطلوب , وهذا الشخص لا يأخذ المال على خدماته , والناس يشهدون له حسن عمله، هل يحل لنا أن نستعين به ضد السحرة، أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذا الشاب المزعوم أنه موهوب دجَّال من الدجاجلة، وكاهن من الكهنة، وعرَّاف من العرَّافين، وليس على هدى ولا على طريق مستقيم، فهو يدَّعي علم أشياء هي من علم الغيب، ويستدل عليها بعلامات لم يجعلها الله تعالى علامات عليها، ولا هناك قواعد لذلك أصلاً، ونعني به: زعمه علمه بالسحرة من خلال معرفة أسمائهم! ومن المعلوم لكل موحد أنه ليس هناك آية، ولا حديث، ولا قاعدة، تعرِّف المسلم بأن هذا ساحر من خلال معرفة اسمه، فإذا زعم أنه يعلم السحرة من خلال أسمائهم: فإما أن يكون كاذباً أفَّاكاً، وإما أنه يعلم ذلك عن طريق أوليائه من الجن الكافر أو الفاسق.
وانظر جواب السؤال رقم: (٩١٥٢٥) .
ثانياً:
ادعاء ذلك الدجال بأنه يستطيع أن يمرض السحرة أو أن يؤذيهم: مما يدل على ما وصفناه به، فالنفع والضر بيد الله تعالى، وهو وحده سبحانه القادر على إيقاع الضرر على الخلق، وليس ذلك بإرادة أحدٍ غيره، والأنبياء عليهم السلام لم يكونوا يملكون هذه " الكرامة "! وكانوا عليهم السلام إذا أرادوا أن يهلك أعداء الدين: دعوا عليهم، ولم يكن باستطاعتهم إمراض الناس وإيذاؤهم وإهلاكهم، إلا أن يدعو أحدهم ربه تعالى فيستجيب الله دعاءه، فينفذ قدر الله بما شاء تعالى على أعدائهم.
ثالثاً:
ما يقرؤه من " كلمات " لا تعدُّ من الرقية الشرعية حتى تكون باللغة العربية، وتظهر كلماتها، وتكون موافقة للشرع لا مخالفة له، وكل ذلك لا يُعرف من ذلك الشاب؛ لأن الظاهر أنه يسر بتلك الكلمات ولا يجهر بها.
وانظر شروط الرقية الشرعية في جواب السؤال رقم: (١٣٧٩٢) ، وفي هذا الجواب بينَّا كيفية التخلص من السحر، وبينَّا كيف نكشف الرقاة المخالفين للشرع.
وفي جواب السؤال رقم (٢١١٢٤) ذكرنا علامات السحرة، والعرافين، والكهان، وكيف نميزهم.
وتنظر شروط الراقي في جواب السؤال رقم: (٧٨٧٤) .
رابعاً:
كونه لا يطلب أجراً لا يدل على أنه ثقة، ولا أنه صادق، وهذه طريقة معروفة لأولئك الدجاجلة، حيث يوهمون العامة بذلك أنهم على خير، وعلى دين، ويستدل العامة على ذلك بأنه لا يطلب أجراً، وهذا ميزان فاسد.
ولا ينبغي الاغترار بشهادة العامة لأحدٍ من الناس، وخاصة في هذا الباب، فهم لا يفرقون بين المشرك والموحد، ولا بين السني والبدعي، ولا بين الصادق والكاذب، وليس عندهم ميزان علمي للحكم على أفعاله وتصرفاته لمحاكمتها وفق شرع الله تعالى، وهم يطلقون اسم " الشيخ " على كل من يعالج السحر والصرع، ولو سلك أي طريق في العلاج! ، ومن العجائب: أنه وُجد نصراني يسلك هذا الدرب في بعض البلاد، ويطلق عليه عامة الناس " الشيخ المسيحي "! وهو معروف، وقد تأكدنا من ذلك، ولا يزال كثيرون يطلقون عليه ذلك اللقب إلى الآن! .
والعبرة في هذا الباب هو حكم العلماء وطلبة العلم من أهل السنَّة والجماعة، فهم أقدر الناس على الحكم على أولئك المعالِجين بما يستحقونه، وقد أكرمهم الله تعالى باعتقاد صحيح، وعلم مؤصَّل وفق الكتاب والسنَّة يستطيعون بهما أن يميزوا بين الكاهن المشعوذ وبين الثقة الصادق ممن يقرأ على الناس ويعالجهم، فلا تلتفتوا لشهادة غيرهما، ولا تغتروا بحكم العامة، فوجوده كعدمه.
وعليه:
فلا يحل لأحدٍ الذهاب لهذا الدجَّال، ولا الاستعانة به، ولو زعم محاربة السحرة! فهو منهم، وإنما يريد دفع التهمة عن نفسه، وإخراج نفسه من زمرتهم، وقد ورد الوعيد الشديد في الذهاب إلى هؤلاء بعدم قبول صلاة أربعين يوماً من ذلك الذاهب، فإذا صدَّقه فيما يقول فإنه يكون قد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
وانظر جواب السؤال رقم (٩٨١٥٣) و (٨٢٩١) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب