للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدعاء أثناء الوضوء بجاه النبي صلى الله عليه وسلم

[السُّؤَالُ]

ـ[عندي عادة لا أدري أهي سيئة أم حسنة: مثلا عند غسل رجلي في الوضوء أدعو ربي أن يثبت رجلي على الصراط بجاه النبي عليه الصلاة والسلام. وكذلك في الصلاة مثلا: رب اغفر لي وارحمني وسامحني بجاه نبيك عليه الصلاة والسلام. فهل مثل هذا الدعاء يجوز أم لا؟ مع العلم أني اعتَدْتُ على الدعاء بهذه الصفة اعتقادا مني أن الله سبحانه وتعالى لا يرد الدعاء لمن توسل إليه بحبيبه عليه الصلاة والسلام.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

دعاء الله تعالى أن يثبت رجل عبده على الصراط، دعاء حسن لا بأس به، نسأل الله تعالى أن يثبت أقدمنا جميعاً.

ولكن دخل الخطأ في هذا الدعاء من وجهين:

الأول: اعتيادك هذا الدعاء عند غسل الرجلين في الوضوء.

فإنك تعلم – أخي السائل – أن الوضوء عبادة، وأن المسلم ليس له أن يغيِّر صفة العبادة أو يزيد عليها، أو ينقص منها. بل كمال الاتباع للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نفعل كما فعل، من غير زيادة ولا نقصان.

قال ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (٢٢/٥١٠) :

" وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس، بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به " انتهى.

ولم يكن من هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدعاء عند غسل أعضاء الوضوء، وقد ورد في ذلك حديث، غير أنه لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قال الحافظ ابن الصلاح:

" لم يصح فيه حديث " انتهى. كذا نقله الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/٢٩٧) .

وقال ابن القيم في "المنار المنيف" (٤٥) :

" وأما الحديث الموضوع في الذكر على كل عضو فباطل " انتهى.

وقال النووي عن دعاء الأعضاء في الوضوء: دعاء الأعضاء لا أصل له"

"الفتوحات الربانية" (٢/٢٧-٢٩)

وفي "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (٢/٤٩) :

" بعض الناس يرى أَن لكل عضو ذكرًا يخصه، ويروى في ذلك شيء من الأَحاديث، لكنها لا تصح أَبدًا، بل هي باطلة " انتهى.

وجاء في " دروس للشيخ عبد العزيز بن باز" (درس رقم/١٣ ش٢) :

" هذه كلها لا أصل لها، ولم يُحفظ فيها شيء عن النبي عليه الصلاة والسلام، فلا تستحب هذه الدعوات عند هذه الأعضاء، وإنما المستحب شيئان: أولاً: عند البدء بالتسمية. ثانياً: بعد الفراغ بالشهادة. هذا هو المشروع في الوضوء " انتهى.

ولا يقال: إن الحديث الضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال.

لأن هذه القاعدة ليس متفقاً عليها، وهناك من ينازع فيها. ثم إن شرط العمل بالضعيف أن لا يكون شديد الضعف، وهذا الشرط مفقود هنا. كما حققه ابن علان في " الفتوحات الربانية " (٢/٢٩) .

وقد كتب السيوطي رحمه الله في هذه المسألة رسالة أسماها "الإغضاء عن دعاء الأعضاء" بَيَّن فيها شدة ضعف ما ورد في ذلك وعدم صلاحيته للعمل به ولو في فضائل الأعمال.

وانظر جواب السؤال رقم (٤٥٧٣٠) .

وأما الخطأ الثاني فهو قولك في الدعاء (بجاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .

ولا شك أن جاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عظيم، ولكن الله تعالى لم يجعل التوسل إليه بذلك من أسباب إجابة الدعاء.

ولم يرشدنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وهو الذي لم يترك خيراً إلا دلنا عليه – لم يرشدنا إلى التوسل إلى الله بذلك.

فعُلِم من ذلك أن هذا الدعاء ليس مشروعاً.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (٢٣٢٦٥)

فاحرص يا أخي على اتباع سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعدم الزيادة عليها أو النقص منها، وابتعد عن الأمور المحدثة في الدين، كما أوصنا بذلك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: (فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رواه أبو داود (٤٦٠٧) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>