للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حلف بالطلاق على شيء وحنث وهو لم يدخل بزوجته

[السُّؤَالُ]

ـ[تعودت منذ الصغر على لفظ (علي بالطلاق علي بالطلاق) فكانت في شكل مزحة ثم صارت صفة فيَّ.. تم عقد نكاحي على ابنة خالي قبل يوم واحد بالضبط.. لم أدخل بها.. وقعت في ورطة مع التعود وبالمزاح مع أحد الأصدقاء قلت له علي بالطلاق وبالتأكيد لم أقصدها لأنها كانت في شكل مزحة وكذبة أصدقاء على سبيل المزاح كما هو المعتاد بيننا..]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

اعتياد الحلف بالطلاق منكر يلزمك اجتنابه؛ لأن الحلف لا يكون إلا بالله تعالى، ولأن الطلاق لم يشرع للتسلية والمزاح واللعب، بل شرع عند الحاجة إليه لنقض الميثاق الغليظ الذي هو الزواج، ومن أكثر الحلف به ربما أوقع الطلاق وبانت منه امرأته، وكان سببا في تمزيق شمل أسرته من حيث لا يريد.

ثانيا:

الحلف بالطلاق كقول الرجل: علي الطلاق أن أفعل كذا، أو لا أفعل كذا، أو أنه حصل كذا، أو لم يحصل كذا، اختلف فيه أهل العلم، فجمهورهم على أن الطلاق يقع عند الحنث.

وذهب بعض أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن الطلاق إن خرج مخرج اليمين، فأراد صاحبه الحث على شيء أو المنع منه، أو تصديق شيء أو تكذيبه، فإنه عند الحنث تلزمه كفارة يمين فقط، ولا يقع طلاقه. وهذا ما أفتى به الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله.

قال الشيخ ابن عثيمين: " الراجح أن الطلاق إذا استعمل استعمال اليمين بأن كان القصد منه الحث على الشيء أو المنع منه أو التصديق أو التكذيب أو التوكيد فإن حكمه حكم اليمين، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) التحريم / ١-٢. فجعل الله تعالى التحريم يميناً. ولقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) البخاري (١) ، وهذا لم ينو الطلاق وإنما نوى اليمن، أو نوى معنى اليمين، فإذا حنث فإنه يجزئه كفارة يمين، هذا هو القول الراجح " انتهى من "فتاوى المرأة المسلمة" (٢/٧٥٤) .

وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عمن قال لزوجته: علي الطلاق تقومين معي، ولم تقم معه. فهل يقع بذلك طلاق؟

فأجابت: "إذا كنت لم تقصد إيقاع الطلاق وإنما أردت حثها على الذهاب معك فإنه لا يقع به طلاق، ويلزمك كفارة يمين في أصح قولي العلماء، وإن كنت أردت به إيقاع الطلاق إذا هي لم تستجب لك وقع به عليها طلقة واحدة " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (٢٠/٨٦) .

وعليه؛ فإذا كنت لم ترد الطلاق، وإنما أردت التهديد أو الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، ثم حنثت، فإنه يلزمك كفارة يمين، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام.

وإذا كنت حلفت بالطلاق على أمر مضى تعلم أنك كاذب فيه، فإنه تلزمك التوبة من الكذب، ولا يلزمك كفارة يمين، لأن من حلف يميناً كاذباً لا كفارة عليه عند جمهور العلماء، لأن اليمين الغموس أعظم من أن تكفر، وعلى صاحبها أن يتوب إلى الله تعالى، ولا يعود إلى ذلك.

وأما كون الحلف قبل الدخول، فهذا غير مؤثر في الحكم، فمن طلق زوجته قبل الدخول، طلقت، ولا رجعة له عليها، لأنها لا عدة عليها.

فاحذر ذلك، وأمسك لسانك، واتق الله تعالى في كلماتك.

نسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>