للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خطبها شاب يدرس ويقيم في أستراليا

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز لفتاةٍ مسلمة التزوج من شخص مقيم في استراليا، وهو مولود هناك، وقد أنهى دراسته هناك، ويقوم الآن بتحضير الدكتوراه، وقد تمت خطبته لتلك الفتاة، وسيتزوجان بعد عامٍ من الآن؛ فهل يجوزُ لها السفر والإقامة معه في هذا البلد - ولا يخفى على سماحتكم ما في هذه البلاد من قبحِ -! مع العلم بأنها ليست ملتزمة بتعاليمِ الدينِ كاملةً، ومثلها هذا الرجل - أو أقل - فلو تكرمتم علينا بالإفادة، وبماذا تنصحون أهلها الملتزمين.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا بشروط: أهمها كون المقيم ذا دين يحجزه عن الشهوات، وذا علم يعصمه من الشبهات، وأن يتمكن من إظهار شعائره، وأن يأمن على أهله وأولاده، وينظر تفصيل ذلك في الجواب رقم (٩٥٠٥٦) ورقم (٨٩٧٠٩) .

ثانيا:

لا يخفى أن الفتاة أمانة في يد أوليائها، وعليهم أن يزوجوها ممن يحفظ دينها وكرامتها، وأن يكون ذلك مقدما على المال والجاه وغيره، فإن الدين إذا فقد لم يعوضه شيء. ولا ينبغي لهم الموافقة على هذا الشاب، أو غيره، حتى يتأكدوا من استقامته وبعده عن أسباب الفسق والانحراف، وأن يشترطوا عليه إلزام زوجته بالحجاب، وتمكينها من تعلم دينها وتطبيقه، والاحتكام إليه عند حدوث الخلاف، والارتباط بجالية والجماعة المسلمة في ذلك البلد، فإن يد الله مع الجماعة، ولا يأكل الذئب من الغنم إلا القاصية.

فإن خشي أولياؤها عليها من سفرها أن تضيع دينها، وغلب على ظنهم ذلك من خلال معرفتهم بها، لم يجز لهم تزويجها لمن يسافر بها إلى تلك البلاد، لأنهم مسئولون عما تحت أيديهم من الرعية. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/٦

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ: الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا) رواه البخاري (٨٥٣) ومسلم (١٨٢٩) .

ثالثا:

الذي نراه وننصح به الأهل، في خصوص هذه الزيجة المسؤول عنها: أنه إذا كان من نية هذا الشاب أن ينتقل إلى العيش في بلده الأصلي، أو غيره من البلاد الإسلامية، فلا بأس أن يزوجوه، بعد الانتباه إلى ما ذكرناه سابقا من النصائح، والاطمئنان إلى أن الرجل محافظ على صلاته، متمسك بدينه، يغلب على الظن أنه سيحافظ على أهله ويمنعهم من اقتراف المنكرات والانغماس في باطل تلك المجتمعات، مدة مقامهم فيها.

وإن لم يكن من نيته أن يعود إلى بلاد المسلمين، بل حاله كحال أغلب من يعيش في هذه البلاد، ويطلب الدنيا فيها: فلا نرى لهم أن يغرروا بابنتهم، وينقلوها إلى العيش في هذه البلاد، خاصة مع ما ورد في السؤال من قلة حصانتها، وحصانته هو أيضا، فكيف سنأمن عليها من فتن هذه البلاد؛ بل كيف سنأمنها هي على ذريتها المنتظرة، أن تساعد في المحافظة عليهم من التحلل في هذه المجتمعات، والانسلاخ العملي من الدين وأحكامه وأخلاقه؟

وبإمكان هذا الطالب، ما دام يريد العيش والاستقرار في هذه البلاد: أن يختار من أبناء الجالية المسلمة عنده، والذين قد لا يتاح لهم الانتقال إلى العيش في بلاد إسلامية: أن يختار من هذه الجالية من تصلح له زوجة، وتألف معه المجتمع الذي يعيشون فيه.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>