للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حلف بالطلاق من أمها إن هي لم تخلع نقابها فماذا تصنع؟

[السُّؤَالُ]

ـ[صديقتي فتاة منتقبة , وحدث لها بعض التعثر في دراستها , فاتهم والدها أن سبب ذلك هو ارتداء النقاب , وحلف على والدتها بالطلاق إن لم تخلعه , فما تفعل؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبت صديقتك على الحق، وأن يهدي والدها ويلهمه رشده.

أولاً:

يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الأجانب؛ لأدلة كثيرة، وقد سبق بيانها في جواب السؤال رقم (١١٧٧٤) فلينظر.

ثانياً:

يجب على ذلك الأب أن يتقي الله سبحانه وتعالى , وأن لا يمنع ابنته من لبس النقاب , وقد فعلت ابنته ما أوجبه الشرع عليها، وهو علامة الاستقامة، والعفاف.

ولبس النقاب ليس سبباً للتعثر في دراسة، أو غيرها، وإلقاء اللوم على لبس النقاب دليل على ضعف إيمان الأب , وتهديد ابنته بتطليق أمها لا شك في خطئه؛ فإنه لا علاقة للأم بهذا، ولم يوجد منها ما يقتضي طلاقها، فتعليق طلاق الأم على استمرار ابنتها في لبس النقاب دليل على العجز والضعف، فأي عاقل يمكن أن يهدم بيته وأسرته من أجل التزام ابنته بلباسها الشرعي، ومنع الرجال الأجانب من النظر إليها؟! .

ثالثاً:

تعليق الطلاق على شيء ما ـ كما فعل والد هذه الفتاة ـ: قد اختلف أهل العلم في حكمه، فذهب أكثرهم إلى أنه يقع به الطلاق متى حصل الشرط المعلق عليه الطلاق.

ورأى آخرون أن فيه تفصيلاً، فإن أراد الطلاق وقع الطلاق، وإن أراد التهديد والتخويف فهو يمين وليس طلاقاً.

وينظر جواب السؤال رقم: (٨٢٤٠٠) .

وأما هل تطيع هذه الفتاة أباها وتخلع نقابها وتكون مضطرة لهذا، أو تستمر على ما هي عليه ولو وقع الطلاق على أمها؟

فهذا فيه تفصيل:

فإن كانت هذه هي الطلقة الأولى، أو الثانية، للأب: فنرى أنها لا تطيعه، وإن كانت طلقته هي الثالثة: فهي في حكم المضطرة لفعل تلك المعصية، فتكشف عن وجهها، وتحاول الستر قدر الاستطاعة، وأن لا تخرج من بيتها لغير ضرورة، إلى أن ييسر الله لها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رواه ابن ماجه (١٦٦٢) ، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".

ولينظر جواب السؤالين: (١١٧١٦٩) و (١٣٦٠٧٠) .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

لو قال الأب لابنه: خذ يا بني هذه العشر ريالات اشتر لي بها " علبة " دخان! فهل يلزمه طاعته؟

الجواب: لا، لا يلزمه طاعته، بل يحرم عليه؛ لأن الله تعالى قال: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا) لقمان/١٥.

إذا قال له: اشتر لي وإلا طلقت أمك! - والمسألة هذه تقع من بعض السفهاء! يلجئ الولد إلى هذا - فهل هذا ضرورة؟ .

الظاهر: أن هذا ضرورة؛ لأنه ربما يتجرأ هذا الغشيم (الأب) ويطلِّق الأم، وتكون هذه آخر ثلاث تطليقات، فتنفصم عرى الأسرة.

فالمهم إذاً: إذا دعت الضرورة إلى ذلك: فهو كغيره من المحرمات التي تبيحها الضرروة، أما إذا لم تكن ضرورة فيجب عليه أن يعصي والده في ذلك.

" شرح بلوغ المرام " (كتاب البيوع، شريط رقم ٢) ، " فتح ذي الجلال شرح بلوغ المرام " (٣ / ٤٧٢) المكتبة الإسلامية.

ولينظر جواب السؤال رقم (١٢٠٩٤) ففيه فتوى للشيخ العثيمين رحمه الله في التفصيل السابق بين كون الطلاق رجعيّاً، أو أنه آخر ثلاث طلقات، وفي المسألة عينها.

والنصيحة لأختنا أن تلجأ إلى الله تعالى بالدعاء أن يهدي والدها، ويصلحه، ويلهمه رشده.

ثم إن عليها أن تترفق في إقناعه أن النقاب ليس له دخل في تعثر الدراسة , وأن لبسه إنما هو سبب لحصولها على مرضاة الله , وتحاول إقناعه أنها ستبذل جهدها في تحسين أدائها الدراسي , ولو استعانت في إقناعه بأولي الأحلام والنهى من أهلها، أو أقاربها، أو من بطانته: لكان أفضل.

ثم عليها بعد ذلك أن تبحث عن أسباب تعثرها في الدراسة , وأن تعمل على حلها، وتجاوزها , وتستعين بالله في ذلك، مع بذل الأسباب من الجد، والاجتهاد.

ونسأل الله أن يهدي والدها ويصلحه، وأن يثبت أختنا على طاعته، والعمل بمرضاته.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>