للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزواج من ثانية مع عدم القدرة على إعالة زوجتين

[السُّؤَالُ]

ـ[تقدم رجل مسلم لخطبتي وهو أكبر مني بعشرين سنة، ولا يزال مع زوجته الأولى، ساعدني كثيراً في حياتي ودلني على بداية الطريق للإسلام، والداي مسلمان ولكنهما لم يعلماني شيئاً عن الصلاة أو الصيام أو الزكاة.

يريد هذا الرجل أن يتزوج امرأتين ولكنه ليس بقادر على إعالتهما معاً.

سألت عن هذه المشكلة والبعض كان رأيه إيجابي والبعض لم يوافق، أكن احتراماً لهذا الرجل ولكنني لست متأكدة من قدرتي على العيش معه.

أرجو أن تنصحني.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ألزم الله تعالى الرجل إذا أراد أن يتزوج بأكثر من واحدة بأشياء قبل إقدامه على الزواج الثاني، ومنها القدرة على العدل في النفقة والمبيت والسكن، فإن علِم من نفسه عدم القدرة أو غلب على ظنه ذلك: فلا يحل له أن يتزوج أكثر من واحدة.

قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} النساء / ٣. قال مجاهد: لا تتعمدوا الإساءة، بل الزموا التسوية في القسم والنفقة، لأن هذا مما يستطاع.

" تفسير القرطبي" (٥ / ٤٠٧) .

قال شيخ الإسلام رحمه الله: وأما العدل في النفقة والكسوة فهو السنَّة أيضاً اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة كما كان يعدل في القسمة ...

" مجموع الفتاوى " (٣٢ / ٢٦٩) .

وقال ابن القيم رحمه الله: وكان يقسم صلى الله عليه وسلم بينهن في المبيت والإيواء والنفقة.... ولا تجب التسوية في ذلك - أي الحب والجماع - لأنه مما لا يملك.

" زاد المعاد " (١ / ١٥١) .

قال الحافظ ابن حجر: فإذا وفّى لكلِّ واحدةٍ منهنَّ كسوتها ونفقتها والإيواء إليها: لم يضرَّه ما زاد على ذلك من ميل قلب أو تبرع بتحفة (أي هدية) ...

" الفتح " (٩ / ٣٩١) .

فهذا هو الذي أوجب الله تعالى على من أراد أن يتزوج أكثر من واحدة، فإن كان الرجل قادراً على ذلك فلا حرج من قبول الزواج به، وإلا فلا ننصح بذلك، بل لا يجوز له – أصلاً – أن يُقدِم هو على الزواج.

وأما قولك: (أنه غير قادر على إعالة زوجتين) فإن كان الرجل صاحب دين وخلق وترين من نفسك الصبر على ضيق العيش وتحمل ذلك فلا حرج عليك من قبول الزواج به، وقد وعد الله تعالى الرجل الفقير الذي يريد الزواج بالغنى فقال تعالى: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) النور / ٣٢، حتى كان بعض السلف يتزوج طلباً للرزق عملاً بهذه الآية الكريمة، وإذا كنت ترين من نفسك عدم الصبر على ضيق العيش فلا حرج عليك من رفض الزواج به، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة بنت قيس لما خطبها معاوية رضي الله عنه بألا تتزوجه فقال: (إنه صعلوك لا مال له) رواه مسلم (١٤٨٠) .

ونرجو أن لا تكون بينكما علاقة غير مشروعة سواء الآن أو بعد رفضكِ الزواج منه، ولو كان له فضل عليكِ في الدلالة على الخير والعلم فإن هذا ليس مسوِّغاً للقاء والمراسلة والمحادثة الخاصة وما يشبه ذلك.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>