حكم التهاون في أداء الوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ترك صلاة الوتر؟ وما يترتب على تركها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صلاة الوتر سنة مؤكدة عند جمهور العلماء، ومن الفقهاء من أوجبها.
ويدل على عدم وجوبها: ما رواه البخاري (١٨٩١) ومسلم (١١) عن طَلْحَةَ بْن عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ: (الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ إِلا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا) ولفظ مسلم: (خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لا، إِلا أَنْ تَطَوَّعَ) .
قال النووي:
" فِيهِ: أَنَّ صَلاة الْوِتْر لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ " انتهى.
وقال الحافظ في "الفتح":
" فيه: أَنَّهُ لا يَجِب شَيْء مِنْ الصَّلَوَات فِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَة غَيْر الْخَمْس , خِلافًا لِمَنْ أَوْجَبَ الْوِتْر أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْر " انتهى.
ومع ذلك فهي آكد السنن، فقد أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث.
روى مسلم (٧٥٤) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا) .
وروى أبو داود (١٤١٦) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، أَوْتِرُوا، فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ولهذا فينبغي المحافظة عليها حضرا وسفرا، كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري (١٠٠٠) ومسلم (٧٠٠) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلاةَ اللَّيْلِ إِلا الْفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ) .
قال ابن قدامة رحمه الله: " الوتر غير واجب وبهذا قال مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة: هو واجب ". ثم قال: " قال أحمد: من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء، ولا ينبغي أن تقبل له شهادة، وأراد المبالغة في تأكيده لما قد ورد فيه من الأحاديث في الأمر به، والحث عليه " انتهى بتصرف من "المغني" (١/٨٢٧) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة: هل صلاة الوتر واجبة وهل الذي يصليها يوماً ويتركها اليوم الآخر يؤاخذ؟
فأجابوا:
" صلاة الوتر سنة مؤكدة، ينبغي أن يحافظ المؤمن عليها، ومن يصليها يوما ويتركها يوما لا يؤاخذ، لكن ينصح بالمحافظة على صلاة الوتر ثم يشرع له أن يصلي بدلها من النهار ما فاته شفعا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، كما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله نوم أو مرض عن صلاة الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. خرجه مسلم في صحيحه، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل غالبا إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل اثنتين ويوتر بواحدة، فإذا شغل عن ذلك بنوم أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة، كما ذكرت ذلك رضي الله عنها، وعلى هذا إذا كانت عادة المؤمن في الليل خمس ركعات فنام عنها أو شغل عنها بشيء شُرع له أن يصلي من النهار ست ركعات يسلم من كل اثنتين، وهكذا إذا كانت عادته ثلاثا صلى أربعا بتسليمتين، وإذا كانت عادته سبعا صلى ثمان يسلم من كل اثنتين " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (٧/١٧٢) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب