للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حقيقة الطريق القادرية

[السُّؤَالُ]

ـ[هناك قصيدة قالها الشيخ عبد القادر الجيلاني شيخ الطريقة القادرية، فما رأيكم في هذه القصيدة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الشيخ عبد القادر الجيلاني من علماء أهل السنة، وكان رحمه الله متبعا لا مبتدعا، وكان على طريقة السلف الصالح يحث في مؤلفاته على اتباع السلف، ويأمر أتباعه بذلك. وكان يأمر بترك الابتداع في الدين، ويصرح بمخالفته للمتكلمين من الأشاعرة ونحوهم.

وقد وقع في مؤلفاته بعض الغلطات والهفوات والبدع التي تنغمر في بحار فضائله. وللتعرف عليها مع بيان وجه الخطأ فيها يمكن مراجعة كتاب (الشيخ عبد القادر الجيلاني وآراؤه الاعتقادية والصوفية) للشيخ الدكتور: سعيد بن مسفر القحطاني:٤٤٠-٤٧٦.

راجع السؤال رقم (١٢٩٣٢) .

ثانياً:

كَذَبَ أتباع الشيخ عبد القادر الجيلاني عليه كثيراً، ونسبوا إليه ما لم يقله ولا يرضاه مما هو مخالف لسيرته ودعوته إلى اتباع السلف واجتناب البدع.

وقد ذكر شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (٢٧/١٢٧) بعض هذه الأكاذيب ثم قال:

"وَلا رَيْبَ أَنَّ الشَّيْخَ عَبْدَ الْقَادِرِ لَمْ يَقُلْ هَذَا، وَلا أَمَرَ بِهِ، وَمَنْ يَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْهُ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِ اهـ.

ومن هذه الأكاذيب ما نسبوه إليه في هذه القصيدة، والتي نعلم علم اليقين براءة الشيخ عبد القادر مما فيها.

وقد سئلت اللجنة الدائمة عن تلك القصيدة، فأجابت:

"إن هذه القصيدة تدل على أن قائلها جاهل يدعي لنفسه دعاوى كلها كفر وضلال. فيدعي أن كل علوم العلماء مستقاة من علمه وفروع له وأن سلوك العباد إنما هو بما فرضه وسنه لهم، وأنه يقدر على إغلاق الجحيم بعظمته لولا سابق عهد من الرسول، وأنه يغيث من وفى له من المريدين، وينجيه من البلايا، ويحييه في الدنيا والآخرة، ويؤمنه من المخاوف، ويحضر معه الميزان يوم القيامة.

فهذه الدعاوى الكاذبة لا تصدر إلا من جاهل لا يعرف قدر نفسه، فإن كمال العلم لله وحده وإن شئون الآخرة ومقاليد الأمور إلى الله وحده لا إلى مَلَك مقرب ولا نبي مرسل ولا لصالح ما من الصالحين، وقد أمر الله رسولَه وهو خير خلقه أن يتلو على الأمة قوله تعالى: (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأعراف /١٨٨. وقوله تعالى: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا) الجن /٢١-٢٢. وقد أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم ألصق الناس به وأقربهم إليه رحماً وأولاهم بمعروفه أن ينقذوا أنفسهم من عذاب الله بالإيمان به سبحانه والعمل بشريعته وأخبرهم أنه لا يغني عنهم من الله شيئاً، وأخبر أن آدم ونوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى يقول كل منهم يوم القيامة نفسي نفسي، فكيف يملك شيخ الطريقة القادرية أو غيره من المخلوقين أن ينجي مريديه وأن يحمي من وفى له بعهده ويغيثه ويحضر معه عند وزن أعماله يوم القيامة؟ وكيف يملك أن يغلق أبواب الجحيم بعظمته؟ إن هذا لهو البهتان المبين، والكفر الصراح بشريعة رب العالمين.

لقد زاد صاحب هذه القصيدة في غلوه وتجاوز حد الحس والعقل والشرع، فادعى أنه كان بنور محمد قبل أن يكون الخلق، وأنه كان في قاب قوسين اجتماع الأحبة أي مع جبريل ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وأنه كان مع نوح عليه السلام في السفينة وشاهد الطوفان على كف قدرته، وأنه كان مع إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وأن هذه النار بردت بدعوته، وأنه كان مع إسماعيل، وأنه ما نزل الكبش إلا بفتواه أو فتوته، وأنه كان مع يعقوب عليه السلام حينما أصيب بصره وأن عينيه ما برئتا إلا بتفلته، وأنه هو الذي أقعد إدريس عليه السلام في جنة الفردوس، وأنه كان مع موسى عليه السلام حين مناجاته لربه، وأن عصا موسى مستمدة من عصاه، وأنه كان مع عيسى في المهد، وأنه هو الذي أعطى داود حسن الصوت في القراءة، بل ادعى أفحش من ذلك: ادعى أنه هو الله في الأبيات الثلاثة من قصيدته وأصرحها قوله:

أنا الواحد الفرد الكبير بذاته * * * أنا الواصف الموصوف شيخ الطريقة

تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فأي كفر بعد هذا الكفر والعياذ بالله؟

فيا أيها الأخ المستفتي يكفيك من شر سماعه، ويغنيك عن معرفة تفاصيل تاريخ وسيرة القادرية ما في قصيدة شيخ هذه الطائفة من البهتان والكفر والطغيان، واجتهد في معرفة الحق من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبيان السلف الصالح من الصحابة وتابعيهم للكتاب والسنة النبوية الصحيحة. مع اعتقادنا أن الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي تنسب إليه هذه الطريقة بريء من هذه القصيدة براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وأتباعه يكذبون عليه كثيراً وينسبون إليه ما هو بريء منه.

وبالله التوفيق " اهـ.

والله تعالى أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>