تريد أن تتزوج من كافر على الأوراق فقط!!
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آنسة أسكن وحدي، أعمل في نزل في الاستقبال، هل عملي حرام مع العلم أنّي لست متحجّبة وأخاف أن أطرد إن تحجّبت ولا أجد مورد رزق آخر مع العلم أنّي أبلغ من العمر ٣٤ سنة. وهل أستطيع الزّواج على الأوراق بغير مسلم لكي أتمكّن من الهجرة والعيش في الخارج لأنّي بتّ أخشى العنوسة والنّاس كلامهم كثير ولم أعد أتحمّل ملاحظاتهم ومراقبتهم لي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والرشاد، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
ثانيا:
تضمَّن سؤالك أنك الآن لا ترتدين الحجاب، خوفا من أن تطردي من عملك، ونحن لن نشير عليك إلا بما نرضاه لزوجاتنا ولأخواتنا وبناتنا، فمهما كان الأمر كما ذكرت فإن الحجاب شأنه عظيم، وهو شعار المؤمنة، ورمز حيائها وعفتها، ولا يجوز التفريط فيه احتجاجا بالرزق الذي كفله الله تعالى لكل أحد، ووعد بالمزيد منه أهل طاعته ومرضاته، قال تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) الذاريات/٢٢، ٢٣. وقال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/٢،٣.
فكوني على يقين وثقة بالله تعالى، وأن رزقك لن ينقطع لو لبست الحجاب، بل نرجو أن يعقب ذلك فرج عظيم ورزق كبير كما وعد الله، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه) صححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة.
فالبسي حجابك، وابحثي عن عمل مباح لا تختلطين فيه بالرجال، ويعوضك الله خيرا، فإن الأمر كله بيده، وخزائنه ملأى سبحانه وتعالى وتقدس.
وراجعي السؤال رقم (٦٦٦٦) .
ثالثا:
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم، مهما كانت الأسباب، ولو كان ذلك على الورق كما قلت، فإن النكاح جده جد، وهزله جد، وليس هناك نكاح صوري كما يظن البعض، بل هناك نكاح لازم، إن كان مستوفي الشروط فهو مباح، وإن كان مختل الشروط فهو نكاح محرم لا يجوز لأحد أن يقدم عليه.
قال تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/٢٢١.
وقال: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) الممتحنة/١٠.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " (انتهى من "الفتاوى الكبرى" (٣/١٣٠)) .
ومرة أخرى نعود إلى مسألة الرزق – والزواج من جملة الرزق – فإن أعظم أسباب الرزق: طاعة الله تعالى، والعجب ممن يسعى للرزق بمعصية الله، فهذا حري أن تسد في وجه الأبواب، وإن فتحت له كان ذلك استدراجا له، نسأل الله العافية.
وإليك هذا الحديث العظيم لتزدادي إيمانا ويقينا بأن الرزق مصاحب لطاعة الله: قال صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: (٢٠٨٥) .
ولا تهتمي بنظر الآخرين وتعليقاتهم، فإن كلامهم لا يضر ولا ينفع في الحقيقة، وتأخير الزواج قد يكون لخير أراده الله لك، ونحن لا نعلم أين يكون الخير، ففوضي أمرك إلى الله تعالى، وابذلي وقتك في تحصيل الحسنات وتكفير السيئات، فإن الموعد غدا، يوم يفوز الفائزون، ويخسر الخاسرون (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران/١٨٥.
فيا لله كم من امرأة متزوجة، متعها الله بالذرية والمال، تساق غدا إلى النار!
وكم من امرأة لم تنل مالا، ولم تسعد بزوج، هي في أعلا جنان الخلد!
فالله الله في الإيمان، والطاعة، والعفة، فإن الدنيا عرض زائل، ومتعة فانية، ولذة منقضية (وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) العنكبوت/٦٤.
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب