حكم إمامة من ينطق الضاد ظاء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أخطأ الإمام بتغيير حرف الظاء بدل الضاد في سورة الفاتحة في الصلاة في قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) فهل علي أن أرده أو أن صلاتي تبطل؟ علماً أني أخبرته بفارق المعنى بين الظالين والضالين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي للمصلي أن يفرق بين الضاد والظاء ويخرج كلا منهما من مخرجه.
لكن. . . إذا أخل به، فصلاته صحيحة على الراجح، للتقارب بين مخرجيهما، ولا يلزمك التصحيح له أثناء الصلاة؛ لأن هذا ليس من باب الخطأ العارض، بل هو راجع إلى اعتياد النطق بذلك.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (١/١٤٣) : " والصحيح من مذاهب العلماء: أنه يغتفر الإخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما؛ وذلك أن الضاد مخرجها من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس، ومخرج الظاء من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا، ولأن كلا من الحرفين من الحروف المجهورة ومن الحروف الرخوة ومن الحروف المطبقة، فلهذا كله اغتفر استعمال أحدهما مكان الآخر لمن لا يميز ذلك والله أعلم" انتهى.
وقال البهوتي في "كشاف القناع" (١/٤٨٢) : "وحكم من أبدل منها أي الفاتحة حرفا بحرف , كالألثغ الذي يجعل الراء غينا ونحوه , حكم من لحن فيها لحنا يحيل المعنى، فلا يصح أن يؤم من لا يبدله إلا ضاد المغضوب والضالين إذا أبدلها بظاء فتصح إمامته بمن لا يبدلها ظاء ; لأن كلا منهما أي الضاد والظاء من أطراف اللسان , وبين الأسنان، وكذلك مخرج الصوت واحد، قاله الشيخ في شرح العمدة " انتهى بتصرف.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (٤/٢٤) : "أولا: مخرج الضاد من إحدى حافتي اللسان اليمنى أو اليسرى بعد مخرج الياء وقبل مخرج اللام مما يلي الأضراس، وتخرج اللام من أقرب حافة اللسان إلى مقدم الفم، وصوت الضاد بين صوت الدال المفخمة والظاء المعجمة تقريبا.
ثانيا:
من قدر على أن يجود حرف الضاد حتى يخرجه من مخرجه الصحيح وجب عليه ذلك، ومن عجز عن تقويم لسانه في حرف الضاد أو غيره كان معذورا وصحت صلاته، ولا يصلي إماما إلا بمثله أو من دونه، لكن يغتفر في أمر الضاد والظاء ما لا يغتفر في غيرهما؛ لقرب مخرجهما وصعوبة التمييز بينهما في المنطق، كما نص عليه جمع من أهل العلم، منهم الحافظ ابن كثير في تفسير الفاتحة" انتهى.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... عبد الرازق عفيفي ... عبد الله بن غديان ... عبد الله بن قعود.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قوله: (أو يبدل حرفاً) أي: يُبدل حرفاً بحرفٍ، وهو الألثغ ُ، مثل: أنْ يُبدِلَ الرَّاءَ باللام، أي: يجعلَ الرَّاءَ لاماً فيقول: (الحمدُ لله لَبِّ العالمين) فهذا أُمِّيٌّ؛ لأنه أبدلَ حرفاً مِن الفاتحة بغيرِه.
ويُستثنى مِن هذه المسألةِ: إبدالُ الضَّادِ ظاءً، فإنَّه معفوٌّ عنه على القولِ الرَّاجحِ، وهو المذهبُ، وذلك لخَفَاءِ الفَرْقِ بينهما، ولا سيَّما إذا كان عاميَّاً، فإنَّ العاميَّ لا يكادُ يُفرِّقُ بين الضَّادِ والظَّاءِ، فإذا قال: (غير المغظوب عليهم ولا الظالين) فقد أبدلَ الضَّادَ وجعلها ظاءً، فهذا يُعفى عنه لمشقَّةِ التَّحرُّز منه، وعُسْرِ الفَرْقِ بينهما، لا سيَّما مِن العوامِ" انتهى.
من "الشرح الممتع" (٤/٢٤٦) .
فتبين بهذا العفو عن الإخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء، وصحة صلاة وإمامة من يفعل ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب