تريد الطلاق منه قبل الدخول ويصعب عليه إعطاؤها نصف المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نشوز المرأة غير المدخول بها سبب كاف لطلاقها؛ عقدت قراني على فتاة لم أدخل بها إلى الآن، وأنا في سفر عنها منذ ٩ شهور، وحصلت مشاكل بيننا، مما دعاها إلى طلب الطلاق مرارا دون علم أهلها، وهذا سبب تأجيلي الزواج بها مع عدة أسباب أخرى مالية، وهي ناشز ولا تطيق مني حتى الاتصال عليها بالهاتف، حاولت معها كل الطرق من النصيحة والهدايا وإرسال أهلي لمحاولة إقناعها، ولكنها إلى الآن تصر على الطلاق، ولا تحترم أهلي، ولا تريد أحدا منهم أن يتصل بها أو يزورها، ولا تحترمني بشكل خاص مع صبري على إساءتها. كل هذه الأمور تفعلها دون علم أهلها لأنهم لا يريدون الطلاق ويجبرونها على الزواج مني!! أفيدوني أنا في حيرة من أمري لأني متخوف من أن تكون زوجة غير صالحة، ودعائي إلى الله دائما أن يرزقني الزوجة الصالحة، وكلما أدعو بذلك أحس ببعد منها ونفور ومشاكل عديدة. أنا في حزن ومشقة شديدة وحيرة بالنسبة لموضوع المهر، لأنه حسب شريعة الله إن المرأة غير المدخول بها لها نصف المهر، ولكن إذا أعطيتها نصف المهر لن يبقى معي من المال للزواج بامرأة أخرى؛ أنا أريد الزواج وليس الطلاق، ولكن من حقي أن تكون زوجتي صالحة مطيعة وتخاف الله، وليس ذنبي أنها ليست كذلك، هي تريد إرجاع جميع المال لي ولكن أهلها يريدون تحويل الموضوع إلى المحكمة للحصول على المال، وهي تقول إنه إذا تم تحويل الموضوع إلى المحكمة سوف تتراجع عن طلب الطلاق وترضى بالزواج ولكنها تهدد باستمرار أنها ستكون زوجة غير صالحة وستعاود طلب الطلاق مجددا بعد الزواج أو الدخول، وأنها تريد العمل بوظيفتها كممرضة ولا تبالي بالاختلاط المنهي عنه وتقول إنها لا تصلي وعند طلبي منها الصلاة تقول إنني لست بربها حتى أحاسبها.؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كانت الزوجة بهذه الصفات والأخلاق التي ذكرت، من نفورها ورغبتها في الطلاق، وعدم مبالاتها بالاختلاط، فلا خير لك في البقاء معها، بل كل عاقل حكيم، وكل من يعرف شيئا عن مقاصد النكاح في شرع الله، وعادات الناس، يقول لك: إن الإقدام على إتمام هذا الزواج أمر غير مقبول بالمرة، مهما كان حجم الخسارة المادية التي تخشاها الآن، فهي أقل وأسهل ألف مرة من حجم المشكلات، والخسائر المتوقعة بعد ذلك.
وإذا كانت لا تصلي وأصرت على ذلك وجب مفارقتها وحرم إبقاؤها؛ لأن تارك الصلاة كافر في أصح قولي العلماء، والكافرة لا يحل أن تبقى تحت مسلم؛ لقوله تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) الممتحنة/١٠. وينظر: سؤال رقم ٥٢٠٨
وإذا كانت تاركة للصلاة حال العقد، لم يصح العقد، ولزم فسخه، ولك ما دفعت من المهر.
ثانيا:
للزوج في مثل هذه الأحوال التي لا يرغب فيها في طلاق زوجته، بينما تريد هي ذلك أن يخالعها، فترد عليه المهر في مقابل خلعها، لما روى البخاري في صحيحه (٤٨٦٧)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً ".
وفي رواية (٤٩٧١) : " لا أعتب على ثابت في دينٍ ولا خلُقٍ، ولكني أكره الكفر في الإسلام ".
أي أكره أن أعمل الأعمال التي تنافي حكم الإسلام من بغض الزوج وعصيانه وعدم القيام بحقوقه.. ونحو ذلك. ينظر فتح الباري (٩/٤٠٠)
وقد أجمع العلماء على جواز الخلع إذا دعت إليه حاجة شرعية، وينظر سؤال رقم (١٨٥٩) .
فلك أن تخالع زوجتك، وتشترط عليه التنازل عن جميع المهر مقابل فراقها.
والذي نراه لمثل حالك، أن توسط أناسا من المصلحين، ممن لهم وجه عند أهلها، أن ينهوا الأمر بالتراضي بينكم، من غير لجوء إلى المحكمة، أو تحايل على إسقاط الحقوق، وظلم الخلق.
ولكن إذا كان القضاء في بلدك لا يحكم بفسخ العقد لأجل ترك الصلاة، أو لا يمكّنك من أخذ المهر في حال الخلع، ولم يتيسر وجود أحد من المصلحين ينهي هذه المشكلة بينكم، فإننا مع ذلك نشير عليك بفراقها، فإن فراقها اليوم أسهل من فراقها فيما بعد، وأي سعادة ترجوها من امرأة تتمرد عليك من الآن، وتعلن عزمها على التمرد في المستقبل. وخسارة المال لا تقارن بفقدان الراحة والسعادة والطمأنينة، ولعل الله أن يخلف عليك خيرا منه، ويرزقك الزوجة الصالحة.
وينبغي أن يحسن الإنسان الاختيار، وأن يفتش عن الدين قبل كل شيء، فمن كانت لا تصلي أو كانت تعمل في مكان مختلط، لا يعقد عليها النكاح حتى تصلي، وتترك العمل المحرم، وليس هذا فحسب، بل ينبغي البحث عن الفتاة الصالحة المستقيمة، الحريصة على فعل الخير، المشهود لها بذلك.
نسأل الله تعالى أن يصلح حالك، وييسر أمرك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب