للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجوب تحديد مدة الإيجار، وحكم تأجير إعلانات لمواقع مقابل كل ضغطة

[السُّؤَالُ]

ـ[يقوم الموقع بتأجير مكان في الصفحة للإعلانات للمواقع الأخرى، هل يشترط تحديد المدة، كأن أقول سأضع الإعلان عندي لمدة سنة؟ أم يجوز عدم التحديد؟ وأيضاً هل يجوز أن يكون الأجر متغيراً كأن يكون حسب عدد الزوار الذين يضغطون على الإعلان مثلا على كل ضغطة ١ ريال؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا حرج من تأجير مكان في الموقع للإعلان عن المواقع بشرط ألا يكون محتوى تلك المواقع محرماً، كمواقع التعارف بين الرجال والنساء، أو مواقع أغان وأفلام ومسرحيات محرَّمة، أو روابط صوتية ومرئية فاسدة، أو مواقع لأهل البدعة، وما يشبه ذلك: فلا يجوز الدعاية لهؤلاء، لأن في ذلك مشاركة لهم في الحرام الذي يدعون إليه.

قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/ ٢.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) رواه مسلم (٢٦٧٤) .

واحتساب ترك المحرَّم والمشتبه والمختلط مما يدل على قوة الإيمان واليقين، ومما يبشر صاحبه بالرزق الحلال والبركة والأجور العظيمة.

ثانياً:

أما مدة التأجير فمن شروط صحة عقد الإجارة: كون المدة معلومة، والأجرة معلومة.

قال ابن قدامة – رحمه الله -:

ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة إجارة العقار , قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم , على أن استئجار المنازل والدواب جائز.

ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة.

" المغني " (٥ / ٢٦٠) .

وقال – رحمه الله -:

الإجارة إذا وقعت على مدة: يجب أن تكون معلومة كشهر، وسنَة، ولا خلاف في هذا نعلمه.

" المغني " (٥ / ٢٥١) .

ويجوز في عقد الإجارة، أن يتفق على أن كل يوم بكذا، أو كل شهر بكذا، من غير أن يحدد نهاية المدة، قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني": " من استأجر فرساً مدة غزوة كل يوم بدرهم فالمنصوص عن الإمام أحمد صحته، لأن عليا رضي الله عنه أجر نفسه كل يوم ولو بثمره، وكذلك الأنصاري ولم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم انتهى.

وعلى هذا، فإما أن تحدد في العقد مع الموقع المدة كاملة لشهر أو سنة مثلاً، وإما أن تحدد الأجرة لكل يوم – مثلا – وإن لم تحدد نهاية المدة.

ثالثاً:

وأما بالنسبة للتأجير بحسب عدد الضغطات على الإعلان: فالذي يظهر أنه لا بأس به.

على أن يُتفق على سعر الضغطة الواحدة، وعلى أن لا تتسبب في زيادة عدد الداخلين باستعمال برنامج، أو باستئجار من يفعل ذلك.

وهذا يشبه ما نقل عن الصحابة من عملهم في السقي كل دلو بتمرة.

فعن كعب بن عجرة قال: سقيت يهودي كل دلو بتمرة، فجمعتُ تمراً فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم ... .

قال الهيثمي رحمه الله:

رواه الطبراني في " الأوسط وإسناده: جيِّد.

" مجمع الزوائد ومنبع الفوائد " (١١ / ٢٣٠) .

وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " (٣٢٧١) .

وجهالة عدد الزوار عند عقد الإجارة لا يؤثر في صحة العقد؛ لأن مآل الجهالة إلى علم.

وعليه: فلو أجرتَ تلك المواقع المباحة شهريّاً أو سنويّاً بسعر ثابت: فجائز، ولو كان عقد الإجارة على حسب عدد زوار موقعهم المعلَن عنه في موقعك: فجائز، بشرط تحديد سعر الضغطة الواحدة، وبشرط آخر مهم: وهو أن لا تتسبب في كثرة عدد الزيارات لموقعهم عن طريق برنامج، أو عن طريق استئجار موقع آخر أو أشخاص ليقوموا بالدخول على الموقع المعلَن عنه؛ ليرتفع رصيدك في ذلك الموقع، فإن فعلتَ ذلك: أثمت، وكان ما استوفيتَه من مال مقابله من ذلك الموقع مالاً محرَّماً عليك، ووجب عليك إرجاعه لهم.

وقد رفعتْ شركات كثيرة على مواقع عالمية مشهورة يتهمونهم بتزوير نتائج زوَّار الإعلانات لديهم، وقد جاء في صحيفة " الجزيرة " العدد ١١٣، الأحد ٢٢ ربيع الأول ١٤٢٦ هـ:

يُذكر أن تزوير إعلانات " الدفع مقابل كل ضغطة " يعدُّ مشكلة كبيرة تواجه صناعة البحث عبر الإنترنت، حيث يقوم بعض الناس - منهم منافسون، أو عاملون متضررون من شركاتهم - بالضغط أكثر من مرة بصورة متواصلة على الإعلانات؛ للعمل على زيادة قيمة فاتورة المعلن! وهو ما قد يكلِّف المعلنين كثيراً من الأموال، كما أنه من الصعب تعقب الفاعل، أو إيقافه.

وتشير إحصاءات مؤسسة " سيمبو " غير الربحية أن ما بين ٣٦ و ٥٨ % من المعلِنين يشعرون بالقلق الشديد إزاء عملية تزوير الإعلانات، ولكنهم لا يستطيعون دوماً تعقب الفاعل. انتهى

ولمزيد الفائدة راجع جواب السؤال (٩٨٨١٧)

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>