للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز عدم حلق العانة؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز عدم حلق العانة لأن زوجتي تستمتع أكثر عند الجماع؟ وما حكم ذلك؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

حلق العانة من سنن الفطرة التي حث عليها الإسلام، واتفقت عليها الشرائع، كما روى البخاري (٥٨٩٠) ومسلم (٢٦١) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مِنْ الْفِطْرَةِ: حَلْقُ الْعَانَةِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ) .

ودلت السنة على أنه لا يجوز ترك ذلك أكثر من أربعين ليلة، كما روى مسلم (٢٥٨) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) .

قال الشوكاني رحمه الله: " المختار أنه يضبط بالأربعين التي ضبط بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز تجاوزها، ولا يعد مخالفا للسنة من ترك القص ونحوه بعد الطول إلى انتهاء تلك الغاية " انتهى من "نيل الأوطار" (١/١٤٣) .

وعليه؛ فلك ترك حلق العانة مدة لا تتجاوز الأربعين، أما أكثر من الأربعين فلا يجوز ذلك.

والواجب على المسلم تعظيم أحكام الله تعالى، قال الله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) الحج/٣٠، وقال تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب) الحج/٣٢.

ومن العجيب أن تستمتع المرأة بعدم نظافة زوجها، ومشابهته للحيوانات، فضلا عن مخالفة ذلك للشرع والعقل والفطرة السوية المستقيمة، فإن مما يقصد من خصال الفطرة (ومنها: الاستحداد) : نظافة البدن، ومراعاة شعور من يخالطه الإنسان، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري":

"وَيَتَعَلَّق بِهَذِهِ الْخِصَال (يعني: خصال الفطرة) مَصَالِح دِينِيَّة وَدُنْيَوِيَّة، تُدْرَك بِالتَّتَبُّعِ , مِنْهَا: تَحْسِين الْهَيْئَة , وَتَنْظِيف الْبَدَن جُمْلَة وَتَفْصِيلًا , وَالِاحْتِيَاط لِلطَّهَارَتَيْنِ , وَالْإِحْسَان إِلَى الْمُخَالَط وَالْمُقَارَن بِكَفٍّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ مِنْ رَائِحَة كَرِيهَة , وَمُخَالَفَة شِعَار الْكُفَّار مِنْ الْمَجُوس وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى وَعُبَّاد الْأَوْثَان , وَامْتِثَال أَمْر الشَّارِع , وَالْمُحَافَظَة عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: (وَصُوَّركُمْ فَأَحْسَنَ صُوَركُمْ) لِمَا فِي الْمُحَافَظَة عَلَى هَذِهِ الْخِصَال مِنْ مُنَاسَبَة ذَلِكَ , وَكَأَنَّهُ قِيلَ قَدْ حَسُنَتْ صُوَركُمْ فَلَا تُشَوِّهُوهَا بِمَا يُقَبِّحهَا , أَوْ حَافِظُوا عَلَى مَا يَسْتَمِرّ بِهِ حُسْنهَا , وَفِي الْمُحَافَظَة عَلَيْهَا مُحَافَظَة عَلَى الْمُرُوءَة وَعَلَى التَّآلُف الْمَطْلُوب , لِأَنَّ الْإِنْسَان إِذَا بَدَا فِي الْهَيْئَة الْجَمِيلَة كَانَ أَدْعَى لِانْبِسَاطِ النَّفْس إِلَيْهِ , فَيُقْبَل قَوْله , وَيُحْمَد رَأْيه , وَالْعَكْس بِالْعَكْسِ" انتهى.

فالواجب نصح هذه الزوجة، أن تعود لفطرتها السوية، وتعظم أحكام الشرع، وعليها أن توقن أن هذه الأحكام شرعها الله تعالى للمؤمنين، لينالوا بها سعادة الدنيا والآخرة، ولا يمكن أن يكون غيرها مساوياً لها أو أحسن منها، قال الله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة/٥٠، أي: لا أحد أحسن حكما من الله تعالى.

فمن ظن أن غير حكم الله أفضل من حكم الله فليراجع إيمانه.

نسأل الله العافية.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>