زكاة المال المعد لشراء بيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجي موظفان بالدولة حيث عملت مند التحاقي بالوظيفة على ادخار جزء بسيط بقصد شراء بيت، وإلى الآن ولمدة خمس عشرة سنة لم أتمكن من جمع نصف مبلغ البيت نظرا لغلاء المعيشة وغلاء العقارات بالمدن الكبرى.
سؤالي: كيف أن أؤدي الزكاة رغم أنه سيؤثر على المبلغ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من ملك نصابا وحال عليه الحول، وجب عليه أن يزكيه، ولو كان قد أعد المال لبناء بيت أو زواج أو حج أو غير ذلك، لعموم الأدلة الدالة على وجوب زكاة المال.
ونصاب الأوراق النقدية الآن هو ما يعادل قيمة ٥٩٧ جراماً من الفضة، والقدر الواجب إخراجه في الزكاة هو ٢.٥% أي ربع العشر.
والزكاة شرعها الله تعالى تطهيرا ونماء وبركة، ومواساة للفقراء والمساكين، وهي فريضة عظيمة، لا يجوز التهاون في أدائها، فإن المال مال الله تعالى، وهو الذي أمر بالزكاة، وتوعد من فَرَّط في أدائها، كما قال سبحانه: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) البقرة/٤٣، وقال سبحانه: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة/١٠٣.
وقال عز وجل: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) التوبة/٣٤.
والكنز هو كل مال وجبت فيه الزكاة، ولم تُخرج.
وروى مسلم (٩٨٧) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ) .
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الزكاة لا تنقص المال في الحقيقة، بل تباركه وتزيده، فقال: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) رواه مسلم (٢٥٨٨) .
ومسألة البركة في المال يغفل عنها كثير من الناس، فقد يملك الإنسان الأموال الطائلة لكنها لا تكفيه، ولا تحقق له ما يريد، ولا يشعر معها براحة أو سعادة، ويملك غيرُه مالاً قليلاً، قد بورك فيه، فيسعد به ويهنأ، وهذا أمر مشاهد.
فلا تتردي أيتها الأخت في إخراج زكاة المال، وأدي ذلك بنفس راضية، وقلب مطمئن، واعلمي أن رضا الله تعالى هو الغاية والمطلب، وأن الدنيا عرض زائل، ومتاع قليل، (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران/١٨٥.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الواجب على المسلم أن يؤدي زكاة ماله كاملة، طاعةً لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقياماً بأركان إسلامه، وحماية لنفسه من العقوبة، ولماله من النقص ونزع البركة، فالزكاة غنيمة وليست غُرْماً، قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .
والواجب على من آتاه الله مالا تجب فيه الزكاة أن يحصيه إحصاء دقيقاً. . .
والأموال ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم لا إشكال في وجوب الزكاة فيه، كالنقود من الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية، ففيه الزكاة، سواء أعدّه للتجارة، أو النفقة، أو لشراء بيت يسكنه، أو لصداق يتزوج به، أو غير ذلك.
القسم الثاني: قسم لا إشكال في عدم وجوب الزكاة فيه، كبيته الذي يسكنه، وسيارته التي يركبها، وفرش بيته ونحو ذلك، وهذان أمرهما واضح.
القسم الثالث: قسم فيه إشكال كالديون في الذمم، فالواجب سؤال أهل العلم عنه حتى يكون العبد فيه على بينة في دينه ليعبد الله تعالى على بصيرة.
ولا يحل للمسلم أن يتهاون في أمر الزكاة، أو يتكاسل في أدائها إلى أهلها، لما في ذلك من الوعيد الشديد في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ... " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (١٨/٢٩٩)
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب