تزوجها على أنه سيرجع لبلده بعد فترة ثم قرر عدم النزول
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء رجل لخطبتي وكان يعمل في إحدى الدول، واتفق مع والدي أن أسافر معه بعد الزواج وأقيم معه هناك فترة لا تتجاوز الثلاث سنوات على أن نعود سويّاً بعد انتهاء هذه المدة، وفعلا تزوجنا وسافرتُ معه، وأنجبت طفلين، ومرت الثلاث سنوات، وعندما طالبته بالعودة بناءاً على الاتفاق ثار وهاج، وأخبرني أنه لن يعود أبداً وأنه مهاجر وأن عليَّ أن أرضى بهذا الوضع، وعلاوة على ذلك هو رجل لا يعينني على طاعة الله، فلقد أدخل الدش بيتنا، ويتركني معه وحيدة طوال اليوم في هذه الغربة، فلا أستطيع أن أقاوم المشاهدة، وأيضا هو لا يخصص وقتاً ليقضيه معي في هذه الغربة، وكل وقته يقضيه بين عمله وأصدقائه، فلما وجدت نفسي لا أستطيع تحمل هذا الوضع طوال العمر قررت النزول إلى مصر بلا رجعة وأفوض أمري لله في زيجتي الفاشلة، ولكن المشكلة أنه يتهمني أنني امرأة خارجة عن طوعه وأنني عاصية وأن الله عز وجل سيعذبني يوم القيامة لأنني خالفت أوامر زوجي.
فهل أنا بالفعل امرأة عاصية أم أن عدم تنفيذه للاتفاق الذي بناءاً عليه تم الزواج يحلني من أي شبهه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الواجب على المسلم أن يلتزم بشروطه ويوفي بعهوده، ومن أحق الشروط أن يوفى بها ما استحل بها الرجل فرج امرأته – أي: الزواج -.
روى البخاري (٢٧٢١) ومسلم (١٤١٨) عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ)
قال ابن قدامة في المغني (٧ / ٤٤٨) :
الشروط في النكاح تنقسم أقساماً ثلاثة:
أحدها: ما يلزم الوفاء به، وهو ما يعود إليها رأي إلى الزوجة نفعه وفائدته، مثل: أن يشترط أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها ...
فهذا يلزمه الوفاء لها به، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج ".اهـ باختصار
ولا بدَّ من التفريق بين أن يكون ما قاله الزوج شرطاً في النكاح أو وعداً بعد إتمام العقد، فإن كان شرطاً في النكاح (أي تم عقد النكاح بناء على هذا الشرط) فالزوجة مخيرة بين إسقاط الشرط عن زوجها أو أن تملك فسخ العقد إذا لم يف بهذا الشرط، وفي هذه الحال تستحق حقوقها كاملة.
وإن كان وعداً بعد الزواج فيجب عليه الوفاء بوعده إلا من عذر، ولكن لا تملك الزوجة فسخ النكاح إذا لم يف بهذا الشرط. هذا من جهة الحكم في هذه المشكلة.
والذي ينصح به الزوج أن يلتزم بشرطه وأن يوفي بوعده، أو يسترضي زوجته لإسقاط الشرط أو تأخير الوعد إلى أجل آخر مسمى، وعليه أن يتقي الله في زوجته ولا يُدخل في بيته أدوات المعصية واللهو المحرَّم.
وعلى الأخت السائلة أن تكون أكثر صبراً وتحملاً وتحاول أن توسط العقلاء من أهلها أو أهله لإزالة ما بينهما من خلافات.
ثانياً:
وقد أخطأ الزوج خطأً فادحاً وهو إدخال " الدش " في بيته، وتمكين زوجته من النظر إلى كل ما فيه من إثم ومعصية، والواجب على من استرعاه الله رعية أن ينصح لهم، وأن لا يفرط في رعايتهم وتربيتهم.
ثالثاً:
وقد أخطأت الأخت السائلة في فعلها، فهي لم تجبر على رؤية المنكر في " الدش "، وليست معذورة في كونها وحيدة، فبإمكانها الانشغال بطاعة الله تعالى والصحبة الصالحة والعمل المباح، وقراءة وسماع ما يفيدها في دينها ودنياها.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب