ـ[أحضرت هدية قيمة لوالدتي قبل وفاتها؛ وحصل أنها قالت للجميع إن هذه الهدية ترجع لمن أتى بها بعد وفاتي؟ هل تعتبر هذه من الميراث الذي أستأذن به إخوتي، مع العلم أنهم ليس لديهم مانع في ذلك؟ ولكن ما حيرني هو قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا وصية لوارث) ، هذا في حال إذا اعتبرنا هذه الهدية من الميراث.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما أهديته لوالدتك وقبلته منك، صار ملكا لها، والأصل أن يدخل في تركتها التي توزع على جميع ورثتها، إلا أن قولها: إن الهدية ترجع لمن أتى بها بعد وفاتي، صريح في الوصية لك، وهي وصية لوارث كما ذكرت، وقد روى أبو داود (٢٨٧٠) والترمذي (٢١٢٠) والنسائي (٤٦٤١) وابن ماجه (٢٧١٣) عن أَبي أُمَامَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ولا تنفذ هذه الوصية إلا بموافقة الورثة، بشرط أن يكونوا راشدين، وأما غير الراشد كالصغير، فلا تعتبر موافقته، ولا يجوز أن يُنقص من نصيبه شيء لصالح الموصى له.
جاء في إحدى روايات الحديث السابق عن ابن عباس رضي الله عنه:(لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) رواه الدارقطني وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني"(٦/٥٨) : " (ولا وصية لوارث , إلا أن يجيز الورثة ذلك) وجملة ذلك أن الإنسان إذا وصى لوارثه بوصية , فلم يُجزها سائر الورثة , لم تصح، بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر , وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا. وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فروى أبو أمامة , قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه , فلا وصية لوارث) . رواه أبو داود. وابن ماجه , والترمذي ... وإن أجازها , جازت , في قول الجمهور من العلماء " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة"(١٦/٣١٧) : " الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، ولا تصح لوارث، إلا أن يشاء الورثة المرشدون بنصيبهم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:(إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني وزاد في آخره: (إلا أن يشاء الورثة) " انتهى. والله أعلم.