عرض سيارته للبيع ويستعملها الآن حتى يجد السعر المناسب فهل تلزمه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من لديه سيارة معروضة للبيع في حالة الحصول على سعر مناسب وهو يقوم باستخدامها في مواصلاته , هل تجب عليه الزكاة عند حلول الحول على تلك الحالة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب الزكاة في عروض التجارة، بشرطين:
الأول: أن يملكها بفعله، أي بالشراء أو الهبة، لا بالإرث، لأن الإرث يدخل في ملك الإنسان قهرا عليه.
والثاني: أن يملكها بنية التجارة، فلو ملكها بنية الاقتناء، ثم نواها للتجارة، لم تلزمه الزكاة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يصير العرض للتجارة إلا بشرطين:
" أحدهما: أن يملكه بفعله , كالبيع وقبول الهبة , ولا فرق بين أن يملكه بعوض أو بغير عوض.
والثاني: أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة وإن نواه بعد ذلك. " انتهى من "المغني" (٢/٣٣٦) باختصار.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تكون للتجارة بالنية، ولو ملكها بغير فعله، وهو رواية عن أحمد رحمه الله.
قال ابن قدامة بعد كلامه السابق: " وعن أحمد , رواية أخرى , أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية ; لقول سمرة رضي الله عنه: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع. فعلى هذا لا يعتبر أن يملكه بفعله , ولا أن يكون في مقابلة عوض , بل متى نوى به التجارة صار للتجارة " انتهى من "المغني" (٢/٣٣٦) .
والقول الأول هو المذهب عند الحنابلة، والحنفية والمالكية والشافعية.
انظر: بدائع الصنائع (٢/١٢) ، شرح الخرشي على خليل (٢/١٩٥) ، المجموع (٦/٥) ، الموسعة الفقهية (٢٣/٢٧١) .
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله القول الثاني الذي هو رواية عن أحمد، لكنه فرّق بين من يبيع السيارة أو الأرض ليتكسب ويربح ويتجر، وبين أن يبيعها لأنه لم يعد بحاجة إليها، وقد رغب عنها، فالأول عليه الزكاة بخلاف الثاني.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والقول الثاني في المسألة: أنها تكون للتجارة بالنية ولو ملكها بغير فعله، ولو ملكها بغير نية التجارة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذا الرجل نوى التجارة، فتكون لها.
مثال ذلك: لو اشترى سيارة يستعملها في الركوب، ثم بدا له أن يجعلها رأس مال يتجر به فهذا تلزمه الزكاة إذا تم الحول من نيته. فإن كان عنده سيارة يستعملها، بدا له أن يبيعها فلا تكون للتجارة؛ لأن بيعه هنا ليس للتجارة، ولكن لرغبته عنها.
ومثله لو كان عنده أرض اشتراها للبناء عليها، ثم بدا له أن يبيعها ويشتري سواها، وعرضها للبيع فإنها لا تكون للتجارة؛ لأن نية البيع هنا ليست للتكسب بل لرغبته عنها، فهناك فرق بين شخصين يجعلها رأس مال يتجر بها، وشخص عدل عن هذا الشيء ورغب عنه، وأراد أن يبيعه، فالصورة الأولى فيها الزكاة على القول الراجح، والثانية لا زكاة فيها " انتهى من "الشرح الممتع" (٦/١٤٣) .
والحاصل: أن بيعك للسيارة إن كان لرغبتك عنها فلا زكاة عليك فيها، وإن كان من أجل التجارة والتكسب وقصد الربح فعليك الزكاة إذا مَرَّ حول من حين نيّتك التجارة، ولا يؤثر على ذلك أنك لا تستعملها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب