للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَقَد النكاح وهو يشك في الدين فهل يلزمه تجديده؟

[السُّؤَالُ]

ـ[مرت بي فترة شعرت خلالها والعياذ بالله بشك في ديني، دون أن يتجاوز الأمر أعماقي الداخلية، وفي خلال هذه الفترة عقدت قراني على واحدة من قريباتي، وفعلنا كل ما يفعل في الزواج الشرعي من مهر وشبكة وعقد قران على يد مأذون وكل الشروط المطلوب مراعاتها، ولو أني ساعة عقد القران كنت أخشى تماماً من بطلان الزواج أو أثق بهذا، ولكني أكملت للنهاية أملاً في أن يعود إليّ إيماني في يوم من الأيام، وقد عاد ولله الحمد، فهل علي إعادة الزواج مرة أخري؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا كان الشك الذي اعتراك هو مجرد وسوسة لم تطمئن إليها نفسك ولم يرض بها قلبك، وكنت كالمغلوب عليها، تأباها وتدفعها عن نفسك، فهذا لا يضرك، بل كراهتك لها دليل على صدق إيمانك، كما روى مسلم (١٣٢) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: (وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ) .

وروى مسلم (١٣٣) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوَسْوَسَةِ قَالَ: (تِلْكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ) .

أي: كراهتها واستعظام النطق بها.

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": "أَمَّا مَعَانِي الْأَحَادِيث وَفِقْههَا: فَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ذَلِكَ صَرِيح الْإِيمَان , وَمَحْض الْإِيمَان) مَعْنَاهُ: اِسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلَام بِهِ هُوَ صَرِيح الْإِيمَان , فَإِنَّ اِسْتِعْظَام هَذَا وَشِدَّة الْخَوْف مِنْهُ وَمِنْ النُّطْق بِهِ فَضْلًا عَنْ اِعْتِقَاده إِنَّمَا يَكُون لِمَنْ اِسْتَكْمَلَ الْإِيمَان اِسْتِكْمَالًا مُحَقَّقًا وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَة وَالشُّكُوك" انتهى.

وروى البخاري (٣٢٧٦) ومسلم (١٣٤) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ) .

وفي رواية لمسلم: (لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ) .

فهذه الوساوس العارضة لا تؤثر على دين صاحبها، ولا تضر عقد النكاح المعقود مع وجودها.

وأما إن كان الشك قد دام معك، ولم تكرهه، ولم تدفعه عن نفسك، بل ظللت في حيرة وضلال، فهذا الشك كفر مخرج من الملة، ولا يصح معه عقد النكاح على المسلمة، لأنه لا يصح زواج مسلمة من كافر.

ويلزم بعد التوبة والرجوع إلى الإسلام أن تجدد عقد النكاح.

ونحمد الله تعالى أن صرف عنك السوء، ومَنَّ عليك بالعودة إلى دينك وإيمانك.

وكان الأولى أن تعرض سؤالك بشيء من التفصيل الذي يتميز به نوع الشك الذي حصل لك.

نسأل الله تعالى أن يزيدك إيمانا وهدى وثباتا.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>