للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غلام بريطاني يسأل عن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للأركان الخمسة

[السُّؤَالُ]

ـ[لماذا اختار محمد (صلى الله عليه وسلم) الأركان الخمسة؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لقد لفت هذا السؤال انتباهنا، إذ إنه يدل على اهتمامك بدين الإسلام ونبي الإسلام، فنحيي فيك أيها السائل الصغير هذا الاهتمام، والحرص على السؤال، والسعي في الحصول عليه من مصادره الموثوقة، ولعل هذا السؤال أن يكون فاتحة خيرٍ لك للوصول إلى طريق الحق، والله الهادي إلى سواء السبيل.

وإليك الجواب:

(محمد) صلى الله عليه وسلم هو النبي الذي أرسله الله إلى الناس جميعاً ليخرجهم من ظلمات الشرك والكفر إلى نور الهدى والإسلام، فأمره أن يدعو الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يأمرهم بمكارم الأخلاق، من الكرم والشجاعة وإكرام الضيف، والإحسان إلى الجار وطاعة الوالدين، واحترام الكبير والشفقة على الصغير، وإرشاد الضال ورحمة المساكين وإعانة المحتاجين وإغاثة الملهوفين، والتفريج عن المكروبين، ... إلى غير ذلك من المحاسن والفضائل. وأن ينهاهم عن الشرك والكفر وسفاسف الأخلاق، ورديئها، من الزنا والكذب والخيانة والغش وعقوق الوالدين والظلم، وغير ذلك. راجع سؤال (٢١٩) .

وأما أركان الإسلام، فاعلم - هداك الله - بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بأن يُبلغ ما يوحى إليه من الله من غير زيادةٍ ولانقص قال الله تعالى: {إن هو إلا وحيٌ يُوحى} ، فالرسول صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن يكذب على الله سبحانه وتعالى قال عز وجل: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (٤٤) لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (٤٧) } سورة الحاقة.

ولو تأملنا في أركان الإسلام الخمسة لوجدناها قد تنوعت فالركن الأول - وهو الشهادتان - جمع بين عمل القلب واللسان، والركن الثاني الصلاة وهو فعل عملٍ بدني وصلة بين العبد والرب في أوقات موزَّعة على الليل والنهار، والركن الثالث الصوم وهو التعبد لله بالإمساك عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات من طلوع الشمس إلى غروبها، فيصوم المسلم تعبداً لله ثم إحساساً بحال إخوانه الفقراء، والركن الرابع الزكاة، وهو عمل مالي يبذل المسلم القادر جزءً من ماله لإخوانه من الفقراء والمساكين، والركن الخامس الحج وهو عملٌ جمع بين بذل المال والعمل البدني، وإذا تأملت هذه الأركان الخمسة وجدت فيها حكماً عظيمة، فالإسلام قائمٌ على الاستسلام لله بالتوحيد والخلوص من الشرك وألا يُعبد الله إلا بما شرع، فمن الناس من يسهل عليه أن يعمل عملاً بدنياً لكنه يشق عليه أن يبذل مالاً فكان في الزكاة تمحيص لهؤلاء، واختبار لهم، ومن الناس من يسهل عليه أن يبذل مالاً كثيراً لكنه يصعب عليه أن يقوم ببذل مجهود بدني فكان في الصلاة اختبار لهم، ومن الناس من يسهل عليه فعل الصلاة وإخراج الزكاة، لكنه يشق عليه ترك ما يُحبه من الطعام والشراب ولذة الجماع، فكان في الصوم امتحان لهؤلاء، وأما الحج فقد جمع بين المال، وعمل البدن، ... إلى غير ذلك من الحكم والغايات المحمودة من هذه العبادات العظيمة.

وهذه الأركان إنما هي وحي من عند الله بلَّغَنَا إياها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وتلقاها المسلمون بالقبول والتسليم. فنسأل الله الهداية للجميع.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

الشيخ محمد صالح المنجد

<<  <  ج: ص:  >  >>