بيع العينة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى بيع العينة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيع العينة هو:
أن يبيع السلعة بثمن مؤجل، ثم يشتريها مرة أخرى نقدا بثمن أقل.
فتكون الصورة النهائية حصول النقد للمشتري، وسوف يسدده بأكثر منه بعد مدة، فكأنَّه قرضٌ في صورة بيع.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (٩/٩٦) :
" للعينة المنهيّ عنها تفسيرات، أشهرُها: أن يبيع سلعةً بثمن إلى أجل معلوم، ثمّ يشتريها نفسها نقداً بثمن أقلّ، وفي نهاية الأجل يدفع المشتري الثّمن الأوّل، والفرق بين الثّمنين هو رباً، للبائع الأوّل. وتؤول العمليّة إلى قرض عشرة، لردّ خمسة عشر، والبيع وسيلة صوريّة إلى الرّبا " انتهى.
ولظهور الحيلة الربوية في هذا النوع من البيوع، ذهب جماهير أهل العلم من السلف والخلف إلى تحريمه والمنع منه. حتى قال محمد بن الحسن الشيباني في إحدى صور العينة – كما في "فتح القدير" (٧/٢١٣) -: هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال، اخترعه أَكَلَةُ الربا.
وقد دل على تحريم بيع العينة ما رواه ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) .
رواه أبو داود (٣٤٦٢) وصححه الطبري في "مسند ابن عمر" (١/١٠٨) ، وابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٢٩/٣٠) والألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/١١) .
وقد عقد الإمام عبد الرزاق الصنعاني في "المصنف" (٨/١٨٤) بابا قال فيه:
" باب الرجل يبيع السلعة ثم يريد اشتراءها بنقد:
أخبرنا معمر والثوري عن أبي إسحاق عن امرأته: أنها دخلت على عائشة في نسوة، فسألتها امرأة فقالت: يا أم المؤمنين! كانت لي جارية، فبعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة إلى أجل، ثم اشتريتها منه بستمائة، فنقدته الستمائة، وكتبت عليه ثمانمائة، فقالت عائشة: بئس والله ما اشتريت! وبئس والله ما اشترى! أخبري زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب، فقالت المرأة لعائشة: أرأيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل، قالت: (من جاءه موعظة من ربه فانتهى) الآية، أو قالت: (إن تبتم فلكم رؤوس أموالكم) الآية " انتهى.
قال ابن عبد الهادي في "تنقيح التعليق" (٢/٥٥٨) : إسناد جيد. وصححه الزيلعي في "نصب الراية" (٤/١٦)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (٨/٢٢٣) :
" مثال بيع العينة: أنا بعت على زيد سيارة بعشرين ألفاً إلى سنة، ثم إني اشتريتها من هذا الرجل بثمانية عشر ألفاً، فهذا حرام لا يجوز؛ لأنه يتخذ حيلة إلى أن أبيع السيارة بيعاً صورياً بعشرين ألفاً، ثم أعود فأشتريها بثمانية عشر ألفاً نقداً، فيكون قد أخذ مني ثمانية عشر ألفاً وسيوفيني عشرين ألفاً وهذا ربا، فهذا لا يجوز؛ لأنه حيلة واضحة، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: (دراهم بدراهم وبينهما حريرة) ، وهذه تسمى مسألة العِينة؛ لأن الرجل أعطى عيناً وأخذ عيناً، والعين: النقد؛ الذهب والفضة.
واعلم أنه كلما احتال الإنسان على محرم لم يزدد إلا خبثاً، فالمحرم خبيث، فإذا احتلت عليه صار أخبث؛ لأنك جمعت بين حقيقة المحرم وبين خداع الرب عزّ وجل، والله سبحانه وتعالى لا تخفى عليه خافية، وإنما الأعمال بالنيات " انتهى باختصار.
وفي كتب الفقهاء توسع في ذكر صور تلحق بالعينة، وضوابط لتحريم هذا البيع يمكن في مراجعتها في هذه المراجع: "بدائع الصنائع" (٥/١٩٨) ، "مواهب الجليل" (٤/٣٩١) ، "الأم" (٣/٧٨) ، "إعلام الموقعين" (٣/١٦٦)
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (٩٨١٢٤) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب