للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم استعمال كلمة لو

[السُّؤَالُ]

ـ[فيمن سمع رجلا يقول: لو كنت فعلت كذا لم يجر عليك شيء من هذا , فقال له رجل آخر سمعه: هذه الكلمة قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها , وهي كلمة تؤدي قائلها إلى الكفر , فقال رجل آخر: قال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة موسى مع الخضر: {يرحم الله موسى وددنا لو كان صبر حتى يقص الله علينا من أمرهما} واستدل الآخر بقوله صلى الله عليه وسلم: {المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف إلى أن قال فإن كلمة لو تفتح عمل الشيطان} فهل هذا ناسخ لهذا أم لا؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

جميع ما قاله الله ورسوله حق , " ولو " تستعمل على وجهين: أحدهما: على وجه الحزن على الماضي والجزع من المقدور , فهذا هو الذي نهى عنه , كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم} .

وهذا هو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: {وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن - اللو - تفتح عمل الشيطان} أي تفتح عليك الحزن والجزع , وذلك يضر ولا ينفع بل اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك , وما أخطأك لم يكن ليصيبك , كما قال تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه} , قالوا: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.

والوجه الثاني: أن يقال " لو " لبيان علم نافع , كقوله: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} . ولبيان محبة الخير وإرادته , كقوله: " لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثل ما يعمل " ونحوه جائز.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: {وددت لو أن موسى صبر ليقص الله علينا من خبرهما} هو من هذا الباب , كقوله: {ودوا لو تدهن فيدهنون} فإن نبينا صلى الله عليه وسلم أحب أن يقص الله خبرهما , فذكرها لبيان محبته للصبر المترتب عليه , فعرفه ما يكون لما في ذلك من المنفعة , ولم يكن في ذلك جزع ولا حزن ولا ترك لما يجب من الصبر على المقدور ...

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

مجموع الفتاوى الكبرى لابن تيمية ١٠٣٣ - ٩

<<  <  ج: ص:  >  >>