التبسم في وجه الكافر لغرض تأليفه ودعوته
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنظر إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في معاملة الكفار.. من عدم جواز بدئهم بالسلام.. ومن عدم إفساح الطريق لهم كما في حديث (اضطروهم إلى أضيقه) فهل يمكن أن نقيس على ذلك أيضاً عدم جواز التبسم في وجوههم؟ بمعنى آخر.. هل يجوز الابتسام في وجوه الكفار؟ فإن كان لا يجوز.. فكيف نرد على من يقول إن ذلك من باب الدعوة إلى الله وترغيبهم في الإسلام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دلت نصوص الشريعة المستفيضة على تحريم موالاة الكافر ومودته واتخاذه صديقا وخليلا، وإكرامه وإظهار الحفاوة والبشر له، وابتدائه بالسلام والتحية، ويستثنى من ذلك بعض هذه الأمور إذا دعت مصلحة أو حاجة، كتحيته بغير السلام عند الحاجة، والتلطف واللين معه عند دعوته للإسلام، ويدخل في ذلك التبسم في وجهه.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ما حكم مخالطة الكفار ومعاملتهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم؟
فأجاب: لا شك أن المسلم يجب عليه أن يبغض أعداء الله ويتبرأ منهم لأن هذه هي طريقة الرسل وأتباعهم قال الله تعالى: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) الممتحنة / ٤، وقال تعالى: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادُّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) المجادلة / ٢٢.
وعلى هذا لا يحل لمسلم أن يقع في قلبه محبة ومودة لأعداء الله الذين هم أعداء له في الواقع. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق) الممتحنة / ١.
أما كون المسلم يعاملهم بالرفق واللين طمعاً في إسلامهم وإيمانهم فهذا لا بأس به، لأنه من باب التأليف على الإسلام ولكن إذا يئس منهم عاملهم بما يستحقون أن يعاملهم به. وهذا مفصل في كتب أهل العلم ولاسيما كتاب " أحكام أهل الذمة " لابن القيم رحمه الله " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" رحمه الله (٣/٣١) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في "زاد المعاد" (٢/٤٢٤) في ابتداء الكفار بالتحية:
" وقالت طائفة - أي من العلماء -: يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه، أو خوف من أذاه، أو لقرابة بينهما، أو لسبب يقتضي ذلك " اهـ.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (٢٥/١٦٨) : " ذهب الحنفية إلى أن السلام على أهل الذمة مكروه لما فيه من تعظيمهم , ولا بأس أن يسلم على الذمي إن كانت له عنده حاجة ; لأن السلام حينئذ لأجل. الحاجة لا لتعظيمه , ويجوز أن يقول: السلام على من اتبع الهدى ... ويحرم عند الشافعية بداءة الذمي بالسلام , وله أن يحييه بغير السلام بأن يقول: هداك الله أو أنعم الله صباحك إن كانت له عنده حاجة , وإلا فلا يبتدئه بشيء من الإكرام أصلا ; لأن ذلك بسط له وإيناس وإظهار ود. وقد قال الله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} " انتهى.
والحاصل أن التبسط للكافر، والتبسم له، يجوز لغرض دعوته للإسلام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب