اقتناء الكلب ونجاسة لعابه
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت الكثير من الأحاديث عن أن ترك الكلب في البيت يذهب البركة من البيت، وأنه يحرم تركه في البيت إلا إذا كان الكلب يستعمل في الصيد. لماذا لا يجوز الاحتفاظ بالكلب في البيت كحيوان أليف؟ ولماذا يعتبر لعابه نجساً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أذنَ الشرع باقتناء الكلاب لغايات متعددة ومنها: الصيد، وحراسة الماشية، وحفظ الزرع، وقد قيس عليها ما هو مثلها أو أولى منها، كحفظ البيوت من اللصوص، وكاستعمالها للكشف عن المخدرات واللصوص، وما عدا ذلك فإن مقتنيه معرَّض للوعيد بأن يُنقص من أجره في كل يوم قيراط أو قيراطان من الأجر.
قال الشيخ يوسف بن عبد الهادي - ناقلاً عن بعض العلماء -:
"لا شك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أذِن في كلب الصيد في أحاديثَ متعدِّدَةٍ، وأخبر أنَّ متَّخذَه للصيد لا ينقص مِن أجره، وأذِن في حديثٍ آخر: في كلبِ الماشية، وفي حديثٍ: في كلب الغنم، وفي حديثٍ: في كلب الزرع، فعُلم أنَّ العلَّة المقتضية لجواز الاتخاذ: المصلحة، والحُكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا وُجدت المصلحة: جاز الاتخاذ، حتى إنَّ بعضَ المصالح أهمُّ وأعظمُ مِن مصلحة الزرع، وبعض المصالح مساوية للتي نصَّ الشارع عليها، ولا شك أنَّ الثمار هي في معنى الزرع، والبقر في معنى الغنم، وكذلك الدجاج والأوز - لدفع الثعالب عنها - هي في معنى الغنم، ولا شك أنَّ خوفَ اللصوص على النَّفس، واتخاذه للإنذار بها والاستيقاظ لها: أعظم مصلحة من ذلك، والشارع مراعٍ للمصالح ودفع المفاسد، فحيث لم تكن فيه مصلحةٌ ففيه مفسدة" انتهى.
"الإغراب في أحكام الكلاب" (ص ١٠٦ – ١٠٧) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"وعلى هذا فالمنزل الذي يكون في وسط البلد لا حاجة أنْ يتخذ الكلب لحراسته، فيكون اقتناء الكلب لهذا الغرض في مثل هذه الحال محرَّماً لا يجوز وينتقص من أجور أصحابه كل يوم قيراط أو قيراطان، فعليهم أنْ يطردوا هذا الكلب وألا يقتنوه، وأما لو كان هذا البيت في البر خالياً ليس حوله أحدٌ فإنَّه يجوز أنْ يقتني الكلب لحراسة البيت ومَن فيه، وحراسةُ أهلِ البيت أبلغُ في الحفاظ مِن حراسة المواشي والحرث" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (٤/٢٤٦) .
ثانياً:
الشرع لا يأمر إلا بما فيه مصلحة للمكلفين، ولا ينهاهم إلا عما يضرهم، غير أن هذه الحكمة علمها من علمها، وجهلها من جهلها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الإناء الذي ولغ الكلب فيه، وما ذاك إلا لنجاسة لعابه، وقد أثبت الطب الحديث وجود أضرار متعددة في الماء الذي ولغ فيه الكلب، والمسلم الذي يتبع الأمر الشرعي ليس له إلا أن يستجيب للأمر، ويكف عن النهي، ولو لم يعلم الحكمة فيهما، ولا مانع من تلمسها، لكن لا يعلق الاستجابة على معرفته بها.
وبعض هذه الأمراض تنتقل بسبب مخالفة الشرع والأكل والشرب من آنية الكلاب، وبعضها ينتقل بسبب حمل الكلاب للجراثيم التي تسبب هذه الأمراض.
وعلى كل حال: فالمسلم يسمع ويطيع، والخير في الاستجابة للشرع بفعل الأوامر واجتناب النواهي.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب