للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأم أحق بحضانة ابنتها إذا كان الأب مقصرا في حضانتها

[السُّؤَالُ]

ـ[أود الاستفسار عن من له الحق في رعاية وحضانة بنتي، فقد طلقني زوجي السابق حينما كنت حاملاً منذ حوالي أربعة أعوام، وبعدما ولدت ابنتي هذه وهي تعيش معي حتى الآن، ومنذ حوالي شهرين تزوجت والحمد لله من أخ طيب، وعلى الرغم من أن زوجي السابق دائماً ما يتحدث مع زوجي الحالي في الهاتف بخصوص ابنتي هذه، فإني أتساءل هل أقوم بإعطاء ابنتي لأبيها على الرغم من أنه غير مهتم بحضانتها؟ أم أستمر في حضانتي لابنتي بصرف النظر عن أني قد تزوجت مرة أخرى؟ فقد قرأت فتوى أخرى تفيد بأنه طالما أن المرأة قد تزوجت فإن حضانة الأولاد تكون من حق الزوج. فضلاً التكرم وإفادتي بخصوص هذا الأمر. وجزاكم الله خيراً]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

حرص الإسلام على الأطفال وحسن تربيتهم، وخاصة في فترة الحضانة، ويتأكد هذا عند انفصال الزوجين، فلا بد من مراعاة مصلحة الطفل، وهذا أمر تدعو إليه الفطرة الإنسانية السليمة، فضلا عن الشريعة الإسلامية السمحة، التي تدعو إلى كل خير، وتنهى عن كل شر.

والأصل: أنه إذا حصل الطلاق فالأم أولى بحضانة أولادها الصغار من الأب، فإن تزوجت سقط حقها في الحضانة.

قال ابن المنذر رحمه الله:

" أجمعوا أن الزوجين إذا افترقا ولهما ولد طفل أن الأم أحق به ما لم تنكح، وأجمعوا على أن لا حق للأم في الولد إذا تزوجت " انتهى.

"الإجماع" (ص٢٤) .

ودليل هذا من السنة: ما رواه أبو داود (٢٢٧٦) أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي) . وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" (١٩٦٨) .

قال ابن القيم رحمه الله:

" والولاية على الطفل نوعان: نوع يقدم فيه الأب على الأم ومن في جهتها وهي ولاية المال والنكاح، ونوع تقدم فيه الأم على الأب وهي ولاية الحضانة والرضاع، وقدم كل من الأبوين فيما جعل له من ذلك لتمام مصلحة الولد وتوقف مصلحته على من يلي ذلك من أبويه وتحصل به كفايته.

ولما كان النساء أعرف بالتربية وأقدر عليها وأصبر وأرأف وأفرغ لها لذلك قدمت الأم فيها على الأب.

ولما كان الرجال أقوم بتحصيل مصلحة الولد والاحتياط له في البضع [الزواج] قدم الأب فيها على الأم. فتقديم الأم في الحضانة من محاسن الشريعة والاحتياط للأطفال والنظر لهم، وتقديم الأب في ولاية المال والتزويج كذلك " انتهى.

"زاد المعاد" (٥/٣٩٢) .

ولكن إذا من له الحق في الحضانة -الأم أو الأب- مضيعا للولد سقط حقه في الحضانة، وانتقلت الحضانة إلى من يقوم بمصالح الطف ويحفظه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" وأحمد وأصحابه إنما يقدمون الأب إذا لم يكن عليها في ذلك ضرر، فلو قدر أنه عاجز عن حفظها وصيانتها، أو مهمل لحفظها وصيانتها فإنه يقدم الأم في هذه الحالة.

فكل من قدمناه من الأبوين إنما نقدمه إذا حصل به مصلحتها أو اندفعت به مفسدتها، فأما مع وجود فساد أمرها مع أحدهما فالآخر أولى بها بلا ريب " انتهى.

"مجموع الفتاوى" (٣٤/١٣١) .

وقال رحمه الله:

" وإذا قدر أن الأب تزوج ضرة، وهى تترك عند ضرة أمها لا تعمل مصلحتها بل تؤذيها أو تقصر في مصلحتها وأمها تعمل مصلحتها ولا تؤذيها فالحضانة هنا للأم.

ومما ينبغي أن يعلم أن الشارع ليس له نص عام في تقديم أحد الأبوين مطلقا ولا تخيير أحد الأبوين مطلقا، والعلماء متفقون على أنه لا يتعين أحدهما مطلقا، بل مع العدوان والتفريط لا يقدم من يكون كذلك على البَرّ العادل المحسن القائم بالواجب " انتهى.

"مجموع الفتاوى" (٣٤/١٣٢) .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

"أحق الناس بحضانة الطفل أمه إذا افترق الزوجان، وإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه فكان عند من اختار منهما، وإذا بلغت البنت سبعا فأبوها أحق بها؛ لأنها تحتاج إلى الحفظ والصيانة، والأم تحتاج إلى من يصونها، ولا يقر المحضون ذكرا كان أو أنثى بيد من لا يصونه ولا يصلحه هذا هو مذهب الإمام أحمد رحمه الله" انتهى مختصراً.

"فتاوى اللجنة" (٢١/١٩٤-١٩٥) .

وقال الشيخ صالح الفوزان:

"الأنثى إذا بلغت سبع سنين؛ فإنها تكون عند أبيها إلى أن يتسلمها زوجها؛ لأنه أحفظ لها وأحق بولايتها من غيره، ولا تمنع الأم من زيارتها مع عدم المحذور، فإن كان الأب عاجزا عن حفظ البنت أو لا يبالي بها لشغله أو قلة دينه، والأم تصلح لحفظها؛ فإنها تكون عند أمها" انتهى.

"من موقع الشيخ الفوزان".

فالمقصود من الحضانة هو مصلحة الطفل، فإذا كانت الأم لا تقوم بذلك انتقل الحق إلى الأب، وإذا كان الأب لا يقوم بذلك انتقل الحق إلى الأم...... وهكذا.

ولكن ينبغي على الوالدين أن يتعاونا فيما بينهما لمصلحة الولد، حتى لا يكون نزاعهما سبباً لانحراف الولد أو ضياعه.

وانظري جواب السؤال رقم (٢٠٧٠٥) .

وعند التنازع لابد من رفع الأمر إلى الحاكم ليفصل بينهما، أو يتفق الوالدان على تحكيم رجل ذي عقل ودين، فيحكم بينهما حسب ما يرى من مصلحة الطفل.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>