يمكن معرفة الحديث إن كان موضوعاً أولاً بالنظر في سنده أو متنه، فإن كان في سنده أحد الكذابين: فهو حديث موضوع، وأما بالنسبة للمتن فيمكن ذلك – أيضاً – ولكن يحتاج أكثره لأن يكون عند الناظر خبرة ومعرفة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح.
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله -:
وسئلتُ هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابطٍ من غير أن ينظر في سنده؟ .
فهذا سؤال عظيمُ القدر، وإنما يَعلم ذلك مَن تضلَّع في معرفة السنن الصحيحة، واختلطت بلحمه ودمه، وصار له فيها ملَكة، وصار له اختصاصٌ شديدٌ بمعرفة السنن والآثار ومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه فيما يَأمر به ويَنهى عنه، ويُخبر عنه ويدعو إليه، ويحبه ويكرهه، ويشرعه للأمة، بحيث كأنه مخالط للرسول صلى الله عليه وسلم كواحدٍ من أصحابه، فمِثل هذا يَعرف من أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه وكلامه، وما يجوز أن يُخبر به وما لا يجوز: ما لا يعرفه غيره، وهذا شأن كلِّ متبعٍ مع متبوعه؛ فإن للأخص به الحريص على تتبع أقواله وأفعاله من العلم بها والتمييز بين ما يصح أن يُنسب إليه وما لا يصح: ما ليس لمن لا يكون كذلك، وهذا شأن المقلدين مع أئمِّتهم يعرفون أقوالَهم ونصوصهم ومذاهبهم، والله أعلم.
" المنار المنيف "(ص ٤٣، ٤٤) .
وما كتبه الإمام ابن القيم – رحمه الله – بعد ذلك الكلام إلى آخر الكتاب: هو أمثلة متعددة لأحاديث موضوعة في أبواب متفرقة، مع فوائد متنوعة، فليُنظَر فإنه نفيس.