للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أظهر أنه مسلم وتزوجها عرفيّاً وأنجبت منه، فما حكم فعلها وحال ابنها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة مسلمة عمري ٢٧ عاماً كنت لا أعرف شيئاً عن الالتزام، أو حتى الطريق إليه، المهم أنني أحببت شابّاً نصرانيّاً، وأخبرني بأنه أسلم ليتزوجني، ولكنه لا يستطيع إشهار إسلامه الآن حتى لا تقتله الكنيسة، وكتبنا ورقة بما يسمى " بالسفاح العرفي "، أو النكاح - كما يسمونه - ولم أكن أعرف وقتها معنى " نكاح "، ودخل بي بدون علم أهلي، وكنت سعيدة جدّاً بإسلامه من أجلي، وحملت منه، وانتظرت أن يعلن الأمر، ولكنه كان خسيساً، وفاجأني بأنه لم يسلم، ولن يشهر زواجي، وسافر إلى أمريكا، وبعدها أحسست بأن نهايتي قد اقتربت، وأن الله سوف ينتقم منى جراء ما فعلت، ولكن فعلا ستر الله كان أعظم، حاولت أن أنزل هذا الجنين بكل الطرق، ولم أستطع، هربت من البيت قبل موعد الولادة، وولد الجنين، وأخذته، وتركته مع أناس فقراء، وأعطيتهم ما يكفي من المال للإنفاق عليه، ووالله، ثم والله إني تبت إلى الله من كل ذنب، ولبست النقاب، وأصوم، وأصلي كل الأوقات، وتقدم لي بعدها بأربع سنوات شاب ملتزم جدّاً، فصارحته بالحقيقة، وكانت المفاجأة أنه لم يتركني، ووقف بجانبي، وستر عليَّ، وتزوجته، وهو الآن يعاملني معاملة طيبة جدّاً؛ لأنه متدين، وحياتنا الآن مليئة بالإيمان، والتقوى، والدين، والآن لا أعرف ما حكم هذا الطفل، وهل هو ابني فعلاً أم ماذا؟ وكيف ذلك؟ وما هو الحكم الشرعي لحالتي هذه؟ وهل هو أخ لأبنائي من زوجي الحالي؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

مثل هذه القصص والحكايات التي تحدث مع المخالفين للشرع تعزز ثقتنا بأحكام الإسلام التي جاءت بما فيه صلاح الإنسان والمجتمع، فالعلاقات المحرَّمة بين الجنسين جرَّت ويلات على المجتمعات، فترك بعضهم دينه بسببها، وآخرون تركوا التزامهم وفقدوا استقامتهم، وإذا كانت هذه السائلة قد احتفظت بابنها عند أسرة: فإن غيرها قد باشرت قتل الجنين وهو في بطنها، أو بعد ما تلده، وقد تكون طرقهم في القتل غاية في الشناعة، كإلقائه في حاوية قمامة يموت من البرد والجوع والاختناق، ثم الكبس والتقطيع بالآلات المخصصة للقمامة! وكل ذلك من شؤم المعصية التي تهاون بها أولئك حتى جرَّت تلك الفظائع والآثام.

ومن أحكام الإسلام الحكيمة جعل موافقة ولي الزوجة شرطا في صحة عقد الزواج، فالولي أقدر على حسن الاختيار من المرأة التي تغلب عاطفتها – غالباً – على عقلها وحسن تصرفها، ولا تستطيع تمييز الماكر من الرجال من الصادق، فجُعل الولي شرطاً في عقد النكاح لمصالح جليلة، وها نحن نرى مخالفة الناس لهذه الأحكام، وماذا يعقب تلك المخالفة من أسى بالغ، وندم قاهر، وحزن عميق.

ثانياً:

نحمد الله تعالى أن وفقك لتوبة، ونسأله تعالى أن يتقبل منك، ويزيدك هدى، فإن الله تعالى يتوب على من تاب، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحة، والتصدق بالمال، فإن الله تعالى يقول: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/٨٢.

ثالثاً:

نكاحك من هذا النصراني نكاح باطل، فإن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج غير مسلم بأي حال من الأحوال، وقد أصبت في وصفك له بأنه "سفاح".

ثم على فرض أنه كان قد أسلم بالفعل، فإن النكاح الذي يتم بلا ولي ولا شهود ويتواصى الزوجان على كتمانه: نكاح باطل عند عامة العلماء.

وانظري جواب السؤال رقم (١١١٧٩٧) فقد ذكرنا فيه فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك.

رابعاً:

أما ابنك من هذا النصراني فهو ابنك حقيقة وينسب إليك، ويكون أخاً لجميع أولادك من الأم، ولكن لا يجوز أن ينسب إلى زوجك الحالي لأنه ليس ابناً له.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

ما حال ولد الزنا في الإسلام في عصرنا هذا؟ .

فأجابوا:

"حكمه حكم أمه، فهو تابع لها، على الصحيح من قولي العلماء، فإن كانت مسلمة: فهو مسلم، وإن كانت كافرة: فهو كافر، وينسب إليها، لا إلى الزاني، ولا يضره ما جرى من أمه ومَن زنا بها؛ لقول الله سبحانه: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) " انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن قعود.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (٢٠ / ٣٤٣) .

خامساً:

ما فعله زوجك الحالي أمر يُشكر عليه، ويُرجى أن يكون من المستور عليهم في الدنيا والآخرة؛ لوعد الله تعالى بذلك لمن ستر على مسلم.

وعليك أن تسارعي بإحضار ابنك من تلك الأسرة، وتقومي أنتي بتربيته، ورعايته.

وعلى زوجك أن يكمل معروفه بتشجيعك على إحضار ابنك، وعلى رعايته والعناية به، ونسأل الله أن يعظم له الأجر، وأن يزيده من فضله.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>