عبارات غير مفهومة يزعم أنها أسماء الجن
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت هذه الأيام كلمات يقال بأنها أسماء للجن، ونحن ننادي الجن فيها!! وهذا نص المقال: نحن كثيراً ننادي الجن!! عبارات نقولها عادةً.. في لحظة مرح ... في لحظة غضب ... لكن ... ماذا تعني ... وما هي النتيجة؟؟؟ (أهب هِب هِبوو هِبي) نقولها إذا أعجبنا شيء..! هل تعرفون ماذا تعني؟؟؟؟ هذا اسم واحد من كبار الجن، وإذا رأيت شيئا جميلاً وقلت هذه الكلمة فأنت تنادي هذا الجني.!! وتطلب منه تخريب هذا الشيء، قد لاحظت أحيانا أنك عندما تقولها عندها ترى تحفة مثلا فالا بها على الأرض وقد تكسرت.!! : (شبرا أمرا شمس نجوم) تعرفون هذي الأغنية أكيد غنيناها كثير صغارا.. وما زال الأطفال يغنونها إلى الآن.. لكن ماذا تعني؟؟!!! شبرا اسم جنّي من كبار الجن.. أيضا شبرا هذا يأمر الشمس والنجوم، وإذا استوعبت الكلام أعلاه وحاولت إكمالها.. فيها شرك كبير..!! (أنقلع لأقصى قريح..أو بقريح ألي ما ياقاك) هذي العبارة نقولها إذا أزعجنا أحد ورغبنا بذهابه عنا.. ونقولها كثيرا للأطفال بلحظة غضب.. ولكن.!! قريح اسم جنّي، وإذا قلت هذي العبارة فأنت تطلب من الجنّي أن يأخذ طفلك.!! وفي الختام أهديكم طرق طرد الشيطان ووساوسه.!! ومنها الاستعاذة بالله منه، والأذان والأذكار، وقراءة القرآن.. وأيضا ما يعوذ به الأولاد، فقد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما..: (أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطانٍ وهامة، ومن كل عين لامه) . السؤال هنا: بماذا نرد على من يصدق هذا الكلام وينشره بدون حتى دليل أو أي شيء! وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على كل من ينشر نصيحة للمسلمين أن يتثبت ويدلل على نصيحته، إلا إن كان لا يقصد النصيحة، وإنما إثارة الإشاعات والخرافات بين الناس، فمثل هذا يتحمل وزره ووزر من لبس عليه وغرر به.
يقول الله عز وجل: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء/٣٦
وما ورد في السؤال مما يزعم أنها من أسماء الجن لم نقف على دليله، فلا نستطيع تأكيده ولا كذلك نفيه، إلا أن الذي يهمنا التنبيه عليه أمران اثنان:
الأول: المؤمن محفوظ بحفظ الله، إذا حافظ على أوامره، واجتنب نواهيه، وحرص على التحصن بالأذكار الشرعية، فالله سبحانه وتعالى يدرأ عن عباده من الأذى والضرر الشيء الكثير. يقول سبحانه وتعالى: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) الرعد/١١
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
" أي: للعبد ملائكة يتعاقبون عليه، حَرَس بالليل، وحَرَس بالنهار، يحفظونه من الأسواء والحادثات، كما يتعاقب ملائكة آخرون لحفظ الأعمال من خير أو شر، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فاثنان عن اليمين وعن الشمال يكتبان الأعمال، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه، واحدا من ورائه، وآخر من قدامه، فهو بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بالليل، حافظان وكاتبان " انتهى.
"تفسير القرآن العظيم" (٤/٤٣٧)
وقد قال صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (احفظ الله يحفظك) رواه الترمذي (رقم/٢٥١٦)
فلا يجوز لأحد أن يصور الأمر وكأنه تسلط من الجن والشياطين على المسلمين من غير رادع ولا حافظ، أو يصوره بأن كلمات يسيرة يمكن أن تقضي على إنسان أو توقع في كل هذا البلاء. فالأمر ليس بهذا التصور.
الثاني: ومع ذلك فنحن لا نستبعد أن يكون في الكلمات غير المفهومة التي تجري على ألسنة الناس ما يحتوي على شيء من أسماء الجن أو الشياطين.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" تتمثل الشياطين لمن يعبد الملائكة والأنبياء والصالحين، ويخاطبونهم، فيظنون أن الذي خاطبهم ملك، أو نبي، أو ولي، وإنما هو شيطان، جعل نفسه ملكا من الملائكة، كما يصيب عباد الكواكب وأصحاب العزائم والطلسمات، يسمون أسماء، يقولون: هي أسماء الملائكة مثل: " منططرون " وغيره، وإنما هي أسماء الجن " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (١٤/٢٨٣)
ولذلك فقد اشترط العلماء للرقية الصحيحة الجائزة أن تكون باللغة العربية المفهومة، كي لا يقع المسلم – إذا استعمل كلمات غير مفهومة - في نداء الجن والشياطين والاستعانة بهم وهو لا يشعر.
يقول الإمام النووي رحمه الله:
" المدح في ترك الرقى المراد بها الرقى التي هي من كلام الكفار، والرقى المجهولة، والتي بغير العربية، وما لا يعرف معناها: فهذه مذمومة، لاحتمال أن معناها كفر، أو قريب منه، أو مكروه " انتهى.
"شرح مسلم" (١٤/١٦٨)
ويقول العيني رحمه الله:
" ولا يجوز بألفاظ مما لا يعلم معناها من الألفاظ الغير العربية " انتهى.
"عمدة القاري" (١٢/١٠٠)
أما إذا كانت الكلمات عربية مفهومة واضحة، فليس في الرقية بها بأس، ولا نرى أنها مما يمكن أن تكون سبيلا للشيطان على الإنسان.
بل إذا قدر أن الناس يتكلم بما يفهمونه من لغتهم، ووافق أن بعض ما يتكلمونه ويتفاهمون به وينادونه، هو من أسماء الجن، فليس معنى ذلك أن الجن واقف على بابهم، يلتقط هذه الكلمة، أو هذا النداء، لينفذ هو إلى مأربه وحاجته.
والواقع أن المبالغة في هذه الأمور هو من غلبة الجهل، وانتشار الخرافة والأوهام، وضعف اليقين بالله عز وجل، والتعلق به، والتوكل عليه.
وعلى كل حال، ليس الأمر بالصورة التي يحاول نشرها أصحاب هذه المقالات، والمبالغة في الأمور من غير تثبت ولا تبين سبب كل مفسدة، ومفتاح كل شر.
وانظر جواب السؤال رقم: (١٠٥١٣)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب