كيف ومن أين تبدأ في تعليم مبادئ الإسلام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عند رغبة أحدهم فى تعليم آخر تعاليم الإسلام فكيف عليهما أن يبدءا؟ ومن أين عليهما البدء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العلم بالإسلام وأحكامه ومبادئه فرض على كل مسلم ومسلمة، بالقدر الذي يحتاج إليه في إقامة العقيدة والعبادات والأخلاق تبعا لما يريده الله سبحانه وتعالى، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَىْ كُلِّ مُسْلِمٍ)
رواه ابن ماجه (٢٢٤) وحسنه بكثرة طرقه وشواهده: المزي، والزركشي، والسيوطي، والسخاوي، والذهبي، والمناوي، والزرقاني، وهو في "صحيح ابن ماجه "للألباني.
وانظر جواب السؤال رقم (١٠٤٧١) ، (٢٠٠٩٢) .
أما تعليم العلم فهو وظيفة الأنبياء، يحملها العلماء من بعدهم كي تبقى حجة الله قائمة على خلقه، ولتبقى دعوة التوحيد غضة طرية يتلقاها الناس كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقنها أصحابه.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَرَّثُوا الْعِلْمَ؛ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) رواه أبو داود (٣٦٤١) وغيره، وصححه الألباني.
قال ابن القيم رحمه الله: " هذا من أعظم المناقب لأهل العلم؛ فإن الانبياء خير خلق الله، فورثتهم خير الخلق بعدهم. ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته، إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده، ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به، إلا العلماء، كانوا أحق الناس بميراثهم، وفي هذا تنبيه على أنهم أقرب الناس إليهم، فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث، وهذا كما أنه ثابت في ميراث الدينار والدرهم، فكذلك هو في ميراث النبوة، والله يختص برحمته من يشاء " انتهى.
مفتاح دار السعادة (١/٦٦) .
غير أن هذا الذي قررناه إنما هو فيمن يقوم مقام الأنبياء في تعليم الناس، وفتوى الناس في نوازلهم وما يحتاجون إليه، وسياستهم بدين الله تعالى.
وأما من يقوم بتبليغ ما علمه من دين الله تعالى لغيره، إما آية حفظها، وإما حديث علمه ووعاه، وإما فتوى سمعها من بعض أهل العلم الثقات، فإن هذا لا يشترط فيه أن يكون عالما، إلا بالأمر الذي يبلغه ويأمر الناس به فقط، وليس عالما بالمعنى المطلق الذي يعرفه الناس من ذلك اللفظ.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ)
رواه البخاري (٣٤٦١) .
وقال عَبْدُ اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنَّ مِنْ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ..) رواه البخاري (٤٨٠٩) .
فإذا عدنا إلى سؤالك: كيف عليهما أن يبدآ؟
فالنصيحة لهما إذا وجدنا من سبقهما إلى طلب العلم والالتزام بأحكامه وآدابه، من أهل السنة، أن يسترشدا به، ويستفيدا من تجربته، فهذا الأمر سوف يوفر عليهما كثيرا من الوقت والجهد إن شاء الله.
وسواء تيسر له في مكانه من أهل العلم وطلابه من يعينه على ذلك، أو لم يجد، فإننا ننصحه بالنصائح التالية:
١- العناية بكتاب الله تعالى حفظا وقراءة وتدبرا، فإن القرآن الكريم هو كتاب الهداية الأول، وكتاب العلم الذي بنيت عليه جميع علوم الشريعة، مع العناية بفهم معانيه، ومطالعة شيء من تفاسيره المناسبة، وفي هذه المرحلة ننصح بمطالعة كتاب التفسير الميسر، ط مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، فهو كتاب نافع جدا، وكتاب أيسر التفاسير للشيخ أبو بكر الجزائري، وتفسير الشيخ السعدي رحمه الله، ولا نعني أن يطالعها جميعا، بل ما تيسر له منها، يهتم بمطالعته ومدارسته.
٢- في الحديث يهتم بحفظ الأربعين النووية، وتكملتها لابن رجب رحمه الله، مع مطالعة شيء من شروحها الميسرة، مثل شرح الشيخ ابن عثيمين، أو غيره، ويستحسن أن يتابع شيئا من شروحها المسموعة، على قناة المجد، أو مواقع أهل السنة. فإذا انتهى من ذلك، وأمكنه أن يطالع جامع العلوم والحكم، لابن رجب، فهو حسن إن شاء الله.
ثم يهتم بمطالعة، يومية إن أمكنه، لكتاب رياض الصالحين، للإمام النووي رحمه الله، مع حفظ حديث من كل باب، وقراءة شرح الشيخ ابن عثيمين له.
٣- بالنسبة للعقيدة: يبدأ بالأصول الثلاثة وأدلتها، للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ومطالعة شيء من شروحها، للشيخ العثيمين، أو الشيخ لفوزان، ولو أمكن سماعه فهو أحسن.
ثم ينتقل إلى كتاب التوحيد، للشيخ محمد بن عبد الوهاب، مع شيء من شروحه الميسرة مثل شرح الشيخ صالح آل الشيخ، فهو ميسر نافع إن شاء الله، أو غيره من الشروح.
ويضم إليه العقيدة الواسطية مع شرحها، للشيخ الفوزان، أو الشيخ ابن عثيمين.
فهذه يهتم بدراستها وضبطها.
وأما في القراءة والمتابعة الدائمة، فيهتم بسلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة، للشيخ عمر سليمان الأشقر، حفظه الله.
٤- وأما الفقه: فهناك بعض الكتب الميسرة التي يمكن البدء بها، مثل: أركان الإسلام، للشيخ عبد العزيز بن باز، وفقه العبادات للشيخ ابن عثيمين، رحمهما الله، ومختصر صفة الصلاة للشيخ الألباني رحمه الله، وتيسير العلام شرح عمدة الأحكام للشيخ البسام رحمه الله، وننصح بالاستفادة من كتب الفتاوى لعلمائنا المعاصرين، ومنها: فتاوى علماء البلد الحرام، جمع د. خالد الجريسي، فهو مجموع نافع إن شاء الله.
٥- بالنسبة للسيرة، يمكن مطالعة مختصر زاد المعاد، للشيخ محمد بن عبد الوهاب، والرحيق المختوم، للشيخ المباركفوري، رحمهم الله جميعا.
وبالنسبة للتاريخ العام والتراجم، يطالع في كتاب: التاريخ الإسلامي، للأستاذ محمود شاكر، وفي بعض كتب التراجم، مثل سير أعلام النبلاء.
٦- في الأخلاق والرقائق، يكثر من مطالعة كتب ابن القيم، مثل الداء والدواء، الرسالة التبوكية، ورسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه، ويطالع في كتاب: مختصر منهاج القاصدين، لابن قدامة، أو: تهذيب موعظة المؤمنين، للشيخ القاسمي رحمه الله، ويهتم برسائل ابن رجب رحمه الله، مثل كشف الكربة، وشرح حديث ما ذئبان جائعان، وتحقيق كلمة الإخلاص، وغيرها، وقد جمعت معظمها في مجموع واحد أربعة مجلدات.
٧- أن يهتموا بمدارسة الأذكار النبوية، فهو باب عظيم من أبواب العلم والعمل، مع حفظ شيء من كتبها الميسرة، مثل: صحيح الكلم الطيب، لشيخ الإسلام ابن تيمية، اختصار الألباني، أو حصن المسلم، مع قراءة كتاب: الوابل الصيب، لابن القيم.
وأخيرا، فإننا نعود ونؤكد على الاهتمام بالتلقي والاستماع لأهل العلم والمتخصصين في الشريعة، وهو أمر متيسر اليوم - بحمد الله - من خلال بعض الفضائيات النافعة، ومن خلال الشبكة المعلوماتية، ولعلكم سمعتم بقناة المجد العلمية التي تعرض من دروس العلم السهلة والميسرة ما يستفيد منه جميع الناس، كما يمكنكم المشاركة في برنامجها العلمي الذي يتدرج فيه الطالب في المراحل التي تناسبه، أما الشبكة المعلوماتية فهي مليئة بفضل الله بدروس العلم للعلماء الموثوقين، ويمكنكم متابعة كثير منها مباشرة في غرف البالتوك، أو تحميل المسجل منها من موقع طريق الإسلام.
ومن الأمور المهمة في التعلم مراعاة المنهج الصحيح، ونعني به التدرج السليم في مراحل التعلم، فيبدأ الطالب بالعلوم السهلة والكتب المختصرة، ثم ينتقل إلى شيء من الشرح والتوسع، حتى يتمكن بعد ذلك من القراءة في الكتب المطولة والأبحاث المتخصصة.
ولا بد أن يختار من الدروس العلمية التي تعرض على قناة المجد أو في الإنترنت ما يكون مناسبا لحاله، ولا يحاول أن يتتبع كل درس يعرض، فقد لا يكون مناسبا له الآن.
ويمكن الاطلاع على بعض النصائح فيها في موقعنا في جواب السؤال رقم (١٤٠٨٢) ، (٢٠١٩١)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب