للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تحب شخصا وتفكر فيه وتريد لبس الحجاب فهل يمكنها ذلك

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة عندي رغبة كبيرة في الحجاب وأتمنى من الله أن يوفقني في هذا، لكن عندي سؤال يحيرني هو أنني أحب شخصا بمعنى ما تحمله كلمة حب، ولا أستطيع التوقف عن التفكير فيه ولو لحظة والله حتى في الصيام أفكر فيه، تجمعنا علاقة حب ما الحكم إذا تحجبت ولا أزال أفكر فيه؟ أظنني لا أستطيع التوقف عن التفكير فيه ربما ستقول أن نتزوج، لكن نحن في تقليدنا عندي أخواتي لازم يتزوجن أولا؛ ماذا أفعل إلى حين ذلك أمانة عليك أن تعطيني جوابا أنا حائرة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

الواجب على كل مؤمنة بالله واليوم الآخر أن تلبس الحجاب الذي يسترها عن نظر الأجانب، فتلك فريضة محكمة أنزلها الله في كتابه، كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/٥٩

وقال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) النور/٣١

ولمعرفة صفة الحجاب الشرعي، ينظر سؤال رقم (٦٩٩١)

ثانيا:

لا يجوز لامرأة أن تقيم علاقة مع أجنبي عنها، ولو كانا في نيتهما الزواج في نهاية الأمر؛ لأن الله تعالى حرم الخلوة بالأجنبية، والنظر إليها، ولمسها، وحرم خضوعها بالقول، وهذه العلاقات لا تنفك عن شيء من هذه المحرمات.

وينظر: سؤال رقم (٨٤٠٨٩) .

وأما إن وقع في قلب امرأة حب رجل سمعت عنه، أو رأته، دون أن تباشر بنفسها عملا محرما نحوه من نظر أو كلام أو غيره، فإنها لا تؤاخذ على هذا الحب، وعليها أن تشغل نفسها بالتفكير فيما ينفعها في دينها ودنياها، وأن تحذر من الوقوع في المعصية، وأن تتجنب كل سبيل يؤدي إلى الفتنة.

وقولك: تجمعنا علاقة حب، يفهم منها أن بينكما علاقة قائمة، وليس مجرد شعور من جهتك، فإن كان الأمر كذلك فاتقي الله تعالى، واحذري غضبه وانتقامه، واعلمي أنك تقدمين على أسباب الهلاك والهلكة، فإن الله تعالى يمهل ولا يهمل، وإنه سريع العقاب، شديد الانتقام.

وما يصوره لك الشيطان من صعوبة التخلص من هذه العلاقة، إنما هو مجرد أوهام وظنون، فإن العلاقة يؤججها الكلام واللقاء، فلو قطعت الصلة به، وتركت الحديث معه، وتجنبت رؤيته، لأمكنك الصبر عنه وتناسيه، حتى ييسر الله لك الزواج منه أو من غيره.

ولهذا نقول: إن علاج مشكلتك ميسور بإذن الله، وذلك باتباع الخطوات التالية:

١- قطع كل صلة بهذا الشخص، لقاء أو كلاماً، ولو كان من أقرب الناس إليك، فتجنبي رؤيته، وتجنبي الحديث معه، ولتُرِيهِ من نفسك أنك مؤمنة عفيفة تخاف من الله تعالى، وتحذر العلاقات المحرمة.

٢- إن كان هذا الشاب صالحا مستقيما - ومن استقامته أن يدع العلاقات المحرمة – وأمكن أن يجد وسيلة للزواج بك، عن طريق التقدم إلى أهلك، وإقناعهم بأمر الزواج، وتدخّل من يصلح تدخله في هذا الأمر، ليتم، فهذا حسن. وإذا لم يمكن ذلك، فما عليكما إلا الصبر والعفة والبعد عما حرم الله تعالى.

٣- ارتداؤك الحجاب فريضة لازمة لك، لا علاقة لها بهذه المسألة، وتركك الحجاب معصية وإثم يلحقك كلما تركتيه، فبادري بلبس الحجاب، وبادري أيضا بقطع العلاقة المحرمة، ولا يكن تقصيرك في هذه المسألة حاملا لك على التقصير والمعصية في مسألة الحجاب، فإن العاقل لا يجمع ذنبا إلى ذنب، ولا يقرن تفريطا بتفريط، بل يبادر بفعل ما يمكن فعله من الواجبات، وترك ما يمكن تركه من المحرمات.

٤- نوصيك بترك الفراغ والبطالة، والإقبال على ما ينفعك، والانشغال بأعمال الطاعات من حفظ القرآن، وطلب العلم، وتحصيل الصحبة النافعة، فإن الشيطان مع الوحدة والفراغ والبطالة، والنفس إن لم تشغليها بالطاعة شغلتك بالمعصية، كما نوصيك بترك ما يثير الشهوة ويحرك النفس إلى الحرام، كالنظر في الأفلام والمسلسلات والصور، عافنا الله وإياك من كل سوء ومكروه.

٥- اعلمي أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ففوضي أمرك إلى الله، وأقبلي عليه، وانطرحي بين يديه، وقولي: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، ويا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك، وسليه سبحانه أن يملأ قلبك إيمانا ويقينا ورضى، وأن يقيك شر نفسك ونزغات الشيطان.

نسأل الله تعالى أن يحفظك بحفظه، وأن يوفقك لطاعته، وأن يصرف عنك الفتن ما ظهر منا وما بطن.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>