منعتهم الدولة من إظهار الأذان بالمكبِّرات فكيف يتصرفون؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: أود أن أشكركم على الأدلة التي قدمتموها لي عن الموسيقى، بارك الله فيكم جميعاً فأنتم تقومون بعمل عظيم. أود أن أطرح عليكم سؤالاً خاصّاً بالأذان، فأنا حقيقة من " موريشيوس "، وقد ثارت مشكلة خاصة بالأذان منذ أسابيع قليلة، وما حدث تحديداً أن قام أحدهم برفع دعوى قضائية ضد مسجد بـ " موريشيوس "، وذلك ببساطة لأن صوت الأذان يزعجه مساء عند صلاة العشاء، ولذلك فقد أصدرت المحكمة حكماً بمنع استخدام مكبرات الصوت عند الأذان مما خلق فوضى عارمة وقلقاً وتوتراً في جميع أرجاء " موريشيوس "، والآن فإن جميع رجال الإفتاء والعلماء يجتمعون لإيجاد حل لتلك المشكلة، حتى إن البعض يوجه تحذيراً للحكومة بالقول " لا تقتربوا من أذاننا "، أود - فقط - معرفة ما إذا كان من الضروري إثارة مثل هذه المشكلة الكبيرة بسبب هذا الأمر، وفى حقيقة الأمر: فإن الأدلة التي قدمتموها عن الموسيقى أقنعتني بحرمة الموسيقى تماماً، ولهذا فأنا أشعر أنه من الممكن أن تقدموا لي أيضا دليلاً قاطعاً بخصوص الأذان، مع الأخذ في الاعتبار أننا نعيش بـ " مريشيوس "، وعليكم أن تدركوا أنها بلد متعددة الثقافات، وبناء على هذا: فهل يجب علينا أن نناضل من أجل الأذان أم يمكن أن نقبل بهذا الوضع؛ فإن تلك المشكلة يمكن أن تؤدى إلى نشوب حرب بالبلاد؛ فإن الأمر أصبح شديد الخطورة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
موريشيوس جزر صغيرة بوسط المحيط الهندي، تبعد عن ملاجاش (مدغشقر) بحوالي ٥٠٠ ميلاً، منعزلة، لا يعرف عنها إلا القليل بسبب صغر مساحتها وبعدها، توجد إلى الشرق من مدغشقر، اكتشفها العرب قبل وصول الأوروبيين إليها بعدة قرون، تقع في جنوبها الغربي جزيرة ريونيون، ورغم هذا البعد والانعزال وصلها الإسلام في سنة ٩٢٣ هـ - ١٥١٠ م، وظلت بريطانيا تحتل الجزيرة حتى نالت استقلالها في سنة ١٣٨٨هـ - ١٩٦٨ م.وعدد سكانها في عام ٢٠٠٢ م: ١,١٨٩,٨٢٥ نسمة.
ونسبة المسلمين فيها ٢٠ % أي أن عددهم ٢١٥ ألفاً، و٥٥ % هندوس، و٢٠ % نصارى.
انتهى ملخصاً من موسوعة " ويكيبيديا ".
ثانياً:
سبق في جواب السؤال رقم (١٠٠٧٨) أن الأذان فرض كفاية، ونقلنا هناك عن علماء اللجنة الدائمة للإفتاء أنه لو أذَّن مسجد واحد في الحي وسمعه جميع أهل الحي أنه يجزئ عن المساجد الأخرى، وأن الأولى أن تؤذن المساجد جميعها، لكن من غير وجوب.
ثالثاً:
للأذان حِكَم متعددة:
قال النووي رحمه الله:
"ذكر العلماء في حكمة الأذان أربعة أشياء: إظهار شعار الإسلام وكلمة التوحيد، والإعلام بدخول وقت الصلاة، وبمكانها، والدعاء إلى الجماعة" انتهى.
" شرح مسلم " (٤ / ٧٧) .
وإذا عرفتم الحِكَم الجليلة في تشريع الأذان: فإن هذا يدفعكم لمحاولة نقض حكم المحكمة، على أن تسلكوا الطرق الحكيمة والمناسبة لذلك، مع ضرورة تجنب الصدام مع الدولة، أو إحداث فتنة مع المخالفين من أهل الأديان، فضلا عن الفتنة مع المسلمين، والذي ننصحكم بعمله هو ما يلي:
١. الاستمرار بإقامة شعيرة الأذان داخل المسجد، وتجنب إظهاره بالمكبرات.
٢. بيان حكم الأذان لإخوانكم المسلمين، وأنه يسعكم ترك الجهر به، وأخبروهم أن شعيرة الأذان قائمة، والمنع إنما هو من إظهار الصوت وتكبيره، لا من إقامته.
٣. رفع دعوى مضادة لنقض الحكم الجائر الصادر من تلك المحكمة.
٤. إذا لم تنجحوا في الدعوى: فقدِّموا دعوى أخرى تطلبون فيها رفع الأذان في الأوقات الأخرى التي لا تسبب – حسب زعم ذلك المجرم الذي رفع قضيته عليكم – إزعاجاً للناس، ولا تضيعوا هذه الفرصة من أيديكم، ويمكنكم – إن شاء الله – الحصول على الإذن بإقامة الأذان في بعض الأوقات، فلا تتخلوا عن ذلك، ولو لوقت واحد.
٥. إذا لم تنجحوا في شيء مما ذكرناه لكم: فلا تيأسوا، واستمروا في المحاولات، وأنتم مكرهون على ترك الجهر بالأذان، ولن تأثموا بذلك.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"ثم لو فُرض أنهم مُنعوا من رفع الأذان: فهؤلاء مكرهون، فإذا كانوا مكرهين: فهو كالذي يترك الواجبات إكراهاً" انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (١٦٦ / سؤال رقم ١٥) .
ونسأل الله تعالى أن يوفقكم لخدمة الإسلام، وأن يجمع شملكم، وأن ينفع بكم الإسلام والمسلمين.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب