محاولات اليهود لقتل النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت الآتي: حاول اليهود قتل الرسول ٣ مرات, آخر مرة كانت قبل وفاة الرسول ب ٦ سنوات بشاة مسمومة. مضغ منها الرسول مضغتين ثم أنطق الله الشاة لتخبر الرسول أنها مسمومة. وعند وفاة الرسول قال إنه: كأنه يشعر بطعم الشاه فهل هذا صحيح؟ لو صح هذا فمعناه أن لنا ثأُُُُُرا شديدا عندهم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما بعد: فقد أراد اليهود قتل الرسول صلى الله عليه وسلم مرات عدة، منها:
١- ما كان في صغره، فقد روى ابن سعد في الطبقات بالسند إلى إسحاق بن عبد الله أن أم النبي صلى الله عليه وسلم لما دفعته إلى السعدية التي أرضعته، قالت لها: احفظي ابني وأخبرتها بما رأت. فمرت باليهود فقالت: ألا تحدثوني عن ابني هذا، فإني حملته كذا ووضعته كذا ورأيت كذا، كما وصفت أمه. قال: فقال بعضهم لبعض اقتلوه. فقالوا: أيتيم هو؟ فقالت: لا، هذا أبوه وأنا أمه. فقالوا: لو كان يتيما لقتلناه. قال: فذهبت به حليمة وقالت: كدت أخرب أمانتي.
وهذا مرسل، ورجاله ثقات.
٢- وحاولوا قتله صلى الله عليه وسلم بعد بدر، فأرسل بنو النضير إليه أن اخرج إلينا في ثلاثين من أصحابك، ولنخرج في ثلاثين حبرا حتى نلتقي في مكان كذا وكذا، نِصْف بيننا وبينك، فيسمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا. ثم قالوا: كيف تفهم ونفهم ونحن ستون رجلا؟ اخرج في ثلاثة من أصحابك ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا فليسمعوا منك، فاشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى ابن أخيها وهو رجل مسلم من الأنصار فأخبرته، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فرجع، فلما كان الغد غدا عليهم بالكتائب فحاصرهم. وتم إجلاء يهود بني النضير. وهذه القصة رواها عبد الرزاق في مصنفه، ورواها أبو داود في سننه (٣٠٠٤) من طريق عبد الرزاق، غير أنه لم يذكر تفاصيل القصة، بل جاء فيه " ... يسمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك فقص خبرهم فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتائب فحصرهم ". والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
٣- وذكر ابن إسحاق سببا آخر لإجلاء بني النضير، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني النضير ليستعين بهم على دفع دية رجلين معاهدين قتلهما خطأ عمرو بن أمية الضمري، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جدار لبني النضير فهموا بإلقاء حجر عليه وقتله، فأخبره الوحي بذلك فانصرف عنهم مسرعا إلى المدينة ثم أمر بحصارهم.
٤- ثم كانت حادثة السم، بعد فتح خيبر، فقد روى البخاري (٢٦١٧) ومسلم (٢١٩٠) عن أنس أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أردت لأقتلك قال ما كان الله ليسلطك على. قالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا. قال فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
واللهوات: جمع لهاة، وهي اللحمة الحمراء المعلقة في أقصى الحنك.
قال النووي: كأنه بقي للسم علامة وأثر من سواد أو غيره.
واسم هذه المرأة: زينب بنت الحارث، امرأة سلام ابن مشكم أحد زعماء اليهود.
وقد اختلفت الروايات في قتلها، والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتلها أولا، فلما مات بشر بن البراء بن معرور متأثرا بهذا الطعام، قتلها قصاصاً.
وروى البخاري (٥٧٧٧) عن أبي هريرة أنه قال لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجمعوا لي من كان ها هنا من اليهود فجمعوا له فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟ قالوا نعم فقال هل جعلتم في هذه الشاة سما؟ فقالوا نعم فقال ما حملكم على ذلك؟ فقالوا أردنا إن كنت كذابا نستريح منك وإن كنت نبيا لم يضرك".
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاوده المرض من هذه الأكلة، وكان يحتجم لذلك.
روى أحمد (٢٧٨٤) عن ابن عباس أن امرأة من اليهود أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأرسل إليها فقال ما حملك على ما صنعت قالت أحببت أو أردت إن كنت نبيا فإن الله سيطلعك عليه وان لم تكن نبيا أريح الناس منك قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد من ذلك شيئا احتجم قال فسافر مرة فلما أحرم وجد من ذلك شيئا فاحتجم". وصححه محققو المسند.
وأثر ذلك عليه في وفاته، فمات شهيدا صلى الله عليه وسلم كما قال ابن مسعود رضي الله عنه:
لأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ تِسْعًا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُتِلَ قَتْلا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ وَاحِدَةً، وَذَلِك بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَهُ نَبِيًّا، وَجَعَلَهُ شَهِيدًا. رواه أحمد (٣٦١٧) . وقال المحقون: إسناده صحيح على شرط مسلم اهـ
قال السندي: قوله: (قتل قتلا) بسُمِّ ما تناول من الذراع بأن ظهرت آثاره عند الوفاة اهـ. نقلا من حاشية المسند ٦/١١٦.
روى البخاري في صحيحه معلقا والحاكم في مستدركه موصولا عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أَبهري من ذلك السم".
والأبهر عرق مستبطن بالظهر متصل بالقلب، إذا انقطع مات صاحبه.
وفتح خيبر كان في المحرم أو ربيع الأول من السنة السابعة من الهجرة، فيكون هذا الحادث قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأربع سنوات.
وهذا يضاف إلى سجل جرائم اليهود التي لا حصر لها في القديم والحديث، وستبقى العدواة بيننا وبينهم حتى نقاتلهم ونقتلهم في آخر الزمان كما أخبرنا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
ينظر: اليهود في السنة المطهرة، د. عبد الله بن ناصر الشقاري، وزاد المعاد ٣/٢٧٩
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب