حديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مصدر (أبغض الحلال عند الله الطلاق) حديث أم ماذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الحديث مداره على الراوي الثقة: " معرف بن واصل "، عن الإمام الثقة " محارب بن دثار "، المتوفى سنة (١١٦هـ) ، وهو من طبقة التابعين، ولكن جاء عن " معرف " على وجهين:
الأول: مسندا متصلا عن معرف بن واصل، عن محارب، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه محمد بن خالد الوهبي عن معرف، هكذا، مسندا، كما عند أبي داود (٢١٧٨) ، ومن طريقه البيهقي في " السنن الكبرى" (٧/٣٢٢) ، وابن عدي في "الكامل" (٦/٢٤٥٣) .
الثاني: مرسلاً عن معرف بن واصل، عن محارب بن دثار، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بدون ذكر ابن عمر.
رواه هكذا أحمد بن يونس، ويحيى بن بكير، ووكيع بن الجراح.
كما عند أبي داود في "السنن" (٢١٧٧) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/٣٢٢) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/٢٥٣) ، وذكره السخاوي في "المقاصد الحسنة" (١١) ، والدارقطني في "العلل" (١٣/٢٢٥) .
ولمَّا رأى المحدِّثون أنَّ مَن رواه مرسلا أوثق وأكثر ممَّن رواه مسندا متصلا رجحوا الإرسال، والمرسل من أقسام الحديث الضعيف، ونصوا على أن من رواه متصلا عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخطأ ووهم.
قال ابن أبي حاتم:
" قال أبي: إنما هو محارب، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا " انتهى. "العلل" (١/٤٣١)
وقال الدارقطني رحمه الله: " والمرسل أشبه " انتهى. "العلل" (١٣/٢٢٥) .
وقال البيهقي رحمه الله:
" هو مرسل، وفي رواية ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر موصولا، ولا أراه حفظه " انتهى. "السنن الكبرى" (٧/٣٢٢)
وقال ابن عبد الهادي رحمه الله عن الإرسال: " وهو أشبه " انتهى. "المحرر في الحديث" (١/٥٦٧) .
ورجح السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص/١١) الإرسال، وقال: " وصنيع أبي داود مشعر به فإنه قدم الرواية المرسلة " انتهى.
وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في "عمدة التفسير" (١/٥٨٣) : "في صحته نظر كثير" انتهى.
وقال الألباني في "إرواء الغليل" (٢٠٤٠) : "وجملة القول: أن الحديث رواه عن معرف بن واصل أربعة من الثقات، وهم: محمد بن خالد الواهبي، وأحمد بن يونس، ووكيع بن الجراح، ويحيى ابن بكير.
وقد اختلفوا عليه، فالأول منهم رواه عنه عن محارب بن دثار عن ابن عمر مرفوعاً وقال الآخرون: عنه عن محارب مرسلاً.
ولا يشك عالم بالحديث أن رواية هؤلاء أرجح، لأنهم أكثر عدداً، وأتقن حفظاً، فإنهم جميعاً ممن احتج به الشيخان في "صحيحيهما"، فلا جرم أن رجح الإرسال ابن أبي حاتم عن أبيه، وكذلك رجحه الدارقطني في "العلل" والبيهقي كما قال الحافظ في "التلخيص" (٣/٢٠٥) وقال الخطابي وتبعه المنذري في "مختصر السنن" (٣/٩٢) : "والمشهور فيه المرسل" انتهى.
وللحديث شاهد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، رواه الدارقطني في "السنن" (٤/ ٣٥) ، وابن عدي في "الكامل" (٢/ ٦٩٤) بلفظ: (ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق) ، وله ألفاظ أخرى، ولكن إسناده ضعيف جدا لا يصلح للاستشهاد به.
غير أن الحديث مع ترجيح عدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن معناه صحيح.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) وهذا الحديث ليس بصحيح، لكنَّ معناه صحيح، أن الله تعالى يكره الطلاق، ولكنه لم يحرمه على عباده للتوسعة لهم، فإذا كان هناك سبب شرعي أو عادي للطلاق صار ذلك جائزاً، وعلى حسب ما يؤدي إليه إبقاء المرأة، إن كان إبقاء المرأة يؤدي إلى محظور شرعي لا يتمكن رفعه إلا بطلاقها فإنه يطلقها، كما لو كانت المرأة ناقصة الدين، أو ناقصة العفة، وعجز عن إصلاحها، فهنا نقول: الأفضل أن تطلق، أما بدون سبب شرعي، أو سبب عادي، فإن الأفضل ألا يطلق، بل إن الطلاق حينئذٍ مكروه " انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم ٥٥، سؤال رقم ٣) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب