بيع الذهب المصنع بالذهب السبيكة مع دفع أجرة التصنيع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بيع ذهب سبيكة بذهب مصنع مع دفع أجرة التصنيع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيع الذهب المصنع بالذهب السبائك مع دفع أجرة التصنيع، كأن يبيع ١ كيلو ذهبا مصنعا، ويأخذ مقابلها – في الحال- أكثر من كيلو ذهبا سبيكة، لفارق التصنيع، أو يأخذ ١ كيلو مع نقود مقابل الصناعة، وهذا محرم، وهو من ربا الفضل، فإن الذهب إذا بيع بالذهب وجب أن يكون مثلا بمثل، سواء كان الذهب مصنعا أو سبيكة، ولهذا قال الفقهاء:: تبرهما (وهو السبيكة الخام) ومصنوعهما (وهو ما صنع حليا ونحوها) أو مضروبهما (وهو ما جعل نقودا) سواء، فلا عبرة بالصناعة.
وإن لم تتم المعاملة يدا بيد، فهذا ربا النسيئة، فتكون المعاملة مشتملة على نوعي الربا: النسيئة والفضل.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (٤/٢٩) : " والجيد والرديء، والتبر والمضروب، والصحيح والمكسور، سواء في جواز البيع مع التماثل، وتحريمه مع التفاضل، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم أبو حنيفة والشافعي. وحُكي عن مالك جواز بيع المضروب بقيمته من جنسه، وأنكر أصحابه ذلك، ونفوه عنه " انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" " (٢٢/٧٤) : " ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ عَيْنَ الذَّهَبِ وَتِبْرَهُ، وَالصَّحِيحَ وَالْمَكْسُورَ مِنْهُ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ مَعَ التَّمَاثُلِ فِي الْمِقْدَارِ وَتَحْرِيمِهِ مَعَ التَّفَاضُلِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاعَ مِثْقَالُ ذَهَبٍ عَيْنٍ بِمِثْقَالٍ وَشَيْءٍ مِنْ تِبْرٍ غَيْرِ مَضْرُوبٍ، وَكَذَلِكَ حُرِّمَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَضْرُوبِ مِنْ الْفِضَّةِ وَغَيْرِ الْمَضْرُوبِ مِنْهَا، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا) " انتهى.
وهذا الحديث رواه أبو داود (٣٣٤٩) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
والتبر من الدراهم والدنانير ما كان غير مصوغ ولا مضروب، فإذا ضرب فهو عَيْن، وهو أجود من التبر.
انظر المجموع (١٠/٩٧) ، "كشف الأسرار" (٣/٣٢٠) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة: صائغ يأخذ أجرة الصناعة على الذهب، ويتم ذلك إما في صورة بيع ذهب ويتقاضى ثمنه مع الأجرة، أو تبادل ذهب بذهب ويأخذ أجرة الصناعة بما فيها مكسبه.
فأجابوا:
" أخذ الأجرة على صناعة الذهب مع قيمة المبيع لا شيء فيه إذا بيع بغير جنسه، كالورق النقدي، أما إذا بيع بجنسه كذهب بذهب مع أخذه أجرة فلا يجوز؛ لما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلا مِثْلا بِمِثْلٍ وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ) " انتهى.
والورِق: الفضة. ولا تُشِفُّوا: لا تفاضلوا.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/٤٨٧) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بعض أصحاب محلات الذهب يذهبون إلى تاجر الذهب، ويعطونه كيلو من الذهب الصافي، ويأخذون منه كيلو من الذهب به فصوص من أحجار كريمة ألماس أو الزراكون أو غيرها، ويدفعون له أيضا أجرة التصنيع.
فأجاب: " هذا العمل محرم لأنه مشتمل على الربا، والربا فيه كما ذكر السائل من وجهين: الوجه الأول: زيادة الذهب، حيث جعل ما يقابل الفصوص وغيرها ذهبا ...
وأما الوجه الثاني: فهي زيادة أجرة التصنيع؛ لأن الصحيح أن زيادة أجرة التصنيع لا تجوز؛ لأن الصناعة وإن كانت من فعل الآدمي لكنها زيادة وصف في الربوي، تشبه زيادة الوصف الذي من خلق الله عز وجل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشترى صاع التمر بصاعين من التمر الرديء، والواجب على المسلم الحذر من الربا والبعد عنه لأنه من أعظم الذنوب " انتهى من "فقه وفتاوى البيوع" (ص ٣٩٣) ، جمع أشرف عبد المقصود.
وصورة التعامل المشروع: أن يأخذ كيلو من الذهب بكيلو من الذهب، يدا بيد مثلا بمثل، مهما كانت الصناعة، بل ولو كان أحدهما سبيكة خالية من كل صناعة.
أو يبيع السبيكة بالنقود، ثم يشتري ما أراد من الذهب المصنع.
أو يشتري الذهب الخام، ويعطيه لمن يصنعه بأجرته من النقود.
وعن هذا الحل الأخير يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أما إذا كان التاجر صائغا فله أن يقول: خذ هذا الذهب اصنعه لي على ما يريد من الصناعة، وأعطيك أجرته إذا انتهت الصناعة، وهذا لا بأس به " انتهى من "فقه وفتاوى البيوع" (ص ٤٠١) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب