حديث موضوع في فضل سورة المزمل
[السُّؤَالُ]
ـ[عرفت مؤخراً أن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّنا على قراءة سورة الملك لتحمينا من عذاب القبر.
وقرأت كذلك أن قراءة سورة المزمل تسبب الغنى، فهل هناك دليل من السنة على هذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: ما قرأتيه عن فضل قراءة سورة المزمل فغير صحيح، بل هو حديث موضوع لا يجوز العمل والاحتجاج به.
وأصله ما رُوِيَ عن زِرِّ بن حبيش عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليّ القرآن في السنة التي مات فيها مرتين، وقال: إن جبريل عليه السلام أمرني أن أقرأ عليك القرآن. وهو يقرئك السلام. فقال أُبيّ: فقلت لمَّا قرأ علي رسول الله صلى الله عليه وسلم: كما كانت لي خاصة، فخصّني بثواب القرآن مما علمك الله وأطلعك عليه؟ قال: نعم يا أبيّ، أيما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أُعطي من الأجر كأنما قرأ ثلثي القرآن. وأعطي من الأجر كأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة.. إلى أن قال: ومن قرأ سورة المزمل رُفع عنه العسر في الدنيا والآخرة ... "
قال ابن الجوزي رحمه الله: وذكر في كل سورةٍ ثواب تاليها إلى آخر القرآن ... وهذا حديث في فضائل السور مصنوع بلا شك. الموضوعات (١/٣٩١)
وقال الشوكاني رحمه الله: رواه العقيلي عن أبي بن كعب مرفوعاً، قال ابن المبارك: أظن الزنادقة وضعته.
ولهذا الحديث طرق كلها باطلة موضوعة ... ولا خلاف بين الحفاظ أن حديث أبيّ بن كعب هذا موضوع. وقد اغتر به جماعة من المفسرين فذكروه في تفاسيرهم كالثعلبي والواحدي والزمخشري. ولا جرم فليسوا من أهل هذا الشأن " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ص٢٦٤.
وهذا الحديث بطوله ذكره ابن عدي في الكامل (٧/٢٥٨٨) ، والسيوطي في اللآلي المصنوعة (١/٢٢٧) والذهبي في ترتيب الموضوعات (٦٠) وغيرهم.
تنبيه: ولقد وضعت أحاديث كثيرة في فضائل سور القرآن وقصد واضعها ترغيب الناس في قراءة القرآن والعكوف عليه، وزعموا أنهم بذلك محسنون. لكنهم أخطأؤوا فيما قصدوا إذ إنّ ذلك داخل ولا شك تحت الوعيد في قوله صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) رواه البخاري (١٠) ومسلم (٤) ، ولا فرق بين الكذب عليه والكذب له.
ولقد تتبع مؤمل بن إسماعيل (ت:٢٠٦) هذا الحديث حتى وصل إلى من اعترف بوضعه.
قال مؤمل: حدثني شيخ بهذا الحديث، فقلت له: من حدثك بهذا؟ قال: رجل بالمدائن، وهو حيٌّ، فسرت إليه، فقلت: من حدثك بهذا؟ قال: حدثني شيخ بواسط، فسرت إليه. فقلت: من حدثك بهذا؟ قال: شيخ بالبصرة، فسرت إليه فقلت: من حدثك بهذا؟ فقال: شيخ بعبادان. فسرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتاً فإذا فيه قوم المتصوفة ومعهم شيخ فقال: هذا الشيخ الذي حدثني، فقلت: يا شيخ من حدثك بهذا: فقال: لم يحدثني أحد، ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث، ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن.
ومن ذلك حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في فضائل القرآن سورة سورة فقد سئل عنه واضعه وهو: نوح بن أبي مريم، فقال: " رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق، فوضعت هذه الأحاديث حسبة "
انظر الموضوعات لابن الجوزي (١/٣٩٤) ، شرح مقدمة ابن الصلاح للعراقي (١١١)
وأما سورة الملك فقد سبق الكلام عن فضلها في السؤال رقم (٢٦٢٤٠) فليُراجع..
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب