للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز أن يتحمَّل ديون والده المتوفى

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز أن أحمل عن والدي بعض الديون التي استدانها، فعلى حسب علمي أن هناك حديث يقول: إن الرجل إذا مات وفي ذمته بعض الديون فإنه لا يدخل الجنة فهل هذا صحيح؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

نعم يجوز، بل يستحب ويتأكد ما دام في استطاعتك، أن تتحمل عن والدك ديونه التي عليه للناس، وبتحملك إياها عنه تبرأ ذمته منها، وتتعلق بذمتك أنت، ولك من الله تعالى الجزاء الموفور بفضله.

فقد روى الترمذي (١٠٧٨) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ)

صححه الألباني في "صحيح الجامع" (٦٧٧٩) وغيره.

قال السندي: " أَيْ مَحْبُوسَة عَنْ الدُّخُول فِي الْجَنَّة " انتهى.

وقال في تحفة الأحوذي:

" قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: أَيْ أَمْرُهَا مَوْقُوفٌ لَا حُكْمَ لَهَا بِنَجَاةٍ وَلَا هَلَاكٍ حَتَّى يُنْظَرَ هَلْ يُقْضَى مَا عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ أَمْ لَا " اِنْتَهَى.

وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ (٤/٣٠) :

ِ" فيهِ الْحَثُّ لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ , وَالْإِخْبَارُ لَهُمْ بِأَنَّ نَفْسَهُ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ " انتهى.

وقال الصنعاني:

" وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَزَالُ الْمَيِّتُ مَشْغُولًا بِدَيْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَفِيهِ حَثٌّ عَلَى التَّخَلُّصِ عَنْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ , وَأَنَّهُ أَهَمُّ الْحُقُوقِ ́انتهى.

"سبل السلام" (١/٤٦٩)

وروى البخاري (٢٢٩٥) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ قَالُوا: لَا. فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَصَلَّى عَلَيْهِ.

وقال ابن باز رحمه الله:

" إذا مات الإنسان وعليه دين مؤجل فإنه يبقى على أجله إذا التزم الورثة بتسديده واقتنع بهم صاحب الدين، أو قدموا ضمينا مليئا أو رهنا يفي بالدين، وبذلك يسلم الميت من التبعة إن شاء الله " انتهى.

"مجموع فتاوى ابن باز" (١٩/٣٠٥)

وقال ابن عثيمين:

" إن تعذر تعجيل الدين استحب أن يُتَكَفل به عنه " انتهى.

"شرح الكافي" (٢/١١)

وسئل علماء اللجنة:

من مات وعليه دين لم يستطع أداءه لفقره هل تبقى روحه مرهونة معلقة؟

فأجابوا: " أخرج أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه)

وهذا محمول على من ترك مالاً يقضى منه دينه، أما من لا مال له يقضى منه فيرجى ألا يتناوله هذا الحديث؛ لقوله سبحانه وتعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) وقوله سبحانه: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ)

كما لا يتناول من بيّت النية الحسنة بالأداء عند الاستدانة، ومات ولم يتمكن من الأداء؛ لما روى البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) "

انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (٨/٣٤٤)

للاستزادة: راجع إجابة السؤال رقم: (٧١١٨٣)

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>