للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا قال: اللهم أدخلني الجنة الليلة فهل هو من الاعتداء في الدعاء؟

[السُّؤَالُ]

ـ[قول المصلي اللهم أدخلني الجنة الليلة هل يعتبر من الاعتداء في الدعاء؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الاعتداء في الدعاء له صور، وضابطه: كل سؤال يناقض حكمة الله، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به فهو اعتداء.

ولا يخفى أن الجنة إنما يدخلها العبد بعد الموت والبعث، لا الآن.

قال ابن القيم رحمه الله: "فالاعتداء بالدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإعانة على المحرمات، وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله، مثل أن يسأله تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب، أو يسأله أن يطلعه على غيبه أو يسأله أن يجعله من المعصومين، أو يسأله أن يهب له ولدا من غير زوجة ولا أمة ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء، فكل سؤال يناقض حكمة الله، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به، فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله" انتهى من "بدائع الفوائد" (٣/٥٢٤) .

ولهذا فقول الداعي: اللهم أدخلني الجنة الليلة، إن أراد به دخول الجنة بروحه وجسده، فهو اعتداء، لمخالفته ما أخبر به سبحانه، وإن أراد أن يدخلها مناما، كأن يحفزه الشوق إلى الجنة إلى هذا السؤال طمعا أن يرى الجنة ونعيمها في منامه، فليس هذا من الاعتداء؛ لأنه أمر ممكن، ووقع لبعض الناس، وليس في الشريعة ما يمنع من سؤاله.

ومما جاء في رؤية الصالحين للجنة مناما: ما روى البخاري (٧٠١٦) ومسلم (٢٤٧٨) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِي قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ وَلَيْسَ مَكَانٌ أُرِيدُ مِنْ الْجَنَّةِ إِلَّا طَارَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: فَقَصَصْتُهُ عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهُ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَرَى عَبْدَ اللَّهِ رَجُلًا صَالِحًا) .

وإن أراد بهذا الدعاء: أن يموت الليلة، ويكون من أهل الجنة، فتدخل روحه الجنة، فالذي يظهر أنه جائز أيضا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن أرواح المؤمنين أنها تنعم في الجنة إلى يوم القيامة. روى أحمد (١٥٣٥٠) والنسائي (٢٠٧٣) وابن ماجه (٤٢٧١) عن كَعْب بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ [أي: روحه] إِذَا مَاتَ طَائِرٌ يَعْلُقُ بِشَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) صححه الألباني في صحيح النسائي.

والأفضل أن لا يقيد ذلك بكونه الليلة، بل يقول: اللهم إني أسألك الجنة، أو أدخلني الجنة برحمتك، ونحو هذه الأدعية، كما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، أما تقييد ذلك بـ "الليلة" فيخشى أن يكون فيه سوء أدب مع الله، فالأولى تركه.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

موقع الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>