للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كيف يكون إعفاء اللحية واجباً مع أن الله لم يأمر به في القرآن؟

[السُّؤَالُ]

ـ[فيما يتعلق بالسؤال رقم ٣٤٣١ (الشرك) ، إذا أمر الوالدان ابنهما بحلق لحيته، فكيف يكون ذلك شركا؟ لأنه لم يرد في القرآن (أمر بوجوب) أن يربي المسلم لحيته، بل وردت التوصية بذلك كي يظهر المسلم في صورة التقى والصلاح، ومن الممكن تحقق ذلك المقصد بطرق مختلفة، وليس بالضرورة بتربية اللحية. وعليه، فكيف يمكن أن يكون في حلق اللحية مخالفة لأوامر الله سبحانه وتعالى؟ إن تربية اللحية ليس مما أمر الله سبحانه وتعالى به. وعليه، فإذا أمرني شخص بحلق لحيتي وأطعته في ذلك، فأنا لا أقترف الشرك بفعلي ذاك، لأني لا أخالف أوامر الله سبحانه وتعالى. أرجو التوضيح.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

معلوم أن أوامر النبي عليه الصلاة والسلام هي من أوامر الله تعالى، وأن الله تعالى أمرنا أن نطيع رسوله، وقد جاءت الأحاديث عنه في الأمر بتربية اللحى والنهي عن حلقها، كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية ... الحديث) وإعفاؤها: تركها، وهي من الفطرة أي من السنة، وهي سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فمن حلقها فقد خالف السنة، ويكون بذلك قد عصى، وقد أمرنا الله بطاعة رسوله بقوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا) ، ونهانا عن معصيته بقوله تعالى: (ومن يعص الله ورسوله يدخله نارا خالدا فيها) ، وتوعّد من يخالف أمره بقوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) . ونعلم أن رسول الله قدوتنا وأسوتنا لقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) أي قدوة حسنة فنتبعه في أفعاله، وقد كان عليه الصلاة والسلام يُعفي لحيته ولا يأخذ منها، وما روي أنه كان يأخذ من طولها وعرضها فلم يثبت شيء من ذلك. وقد ذكر الله في كتابه أن نبيه هارون كان معفيا لحيته وذلك لمّا قال لأخيه: (لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) فدلّ على أنهم كانوا يعفون اللحى.

ولا يجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) . فمن أطاع إنسانا وعصى الله تعالى فقد أطاع في معصية، وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الطاعة في المعروف) . فولاة الأمر إذا أمروا بمعصية فلا يطاعون في ذلك، وإذا أمروا بمعروف فطاعتهم من طاعة الله، وكذلك الوالدين.

والله أعلم

سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله.

[الْمَصْدَرُ]

سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>