للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إذا منعها من زيارة أهلها فهل تطيعه؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز طاعة الزوج في عدم رغبته في زيارة الزوجة لبيت أهلها؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه، ولو كان ذلك لزيارة والديها، وينبغي له أن يأذن لها، حتى تتمكن من صلة رحمها، لكن إن منعها من الزيارة لزمها طاعته، وليس له أن يمنع والديها من زيارتها أو الكلام معها.

وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة، وما ذكرناه هو الراجح من أقوالهم.

فذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ليس له أن يمنعها من زيارة والديها.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن له أن يمنعها، ويلزمها طاعته، فلا تخرج إليهما إلا بإذنه، لكن ليس له أن يمنعها من كلامهما ولا من زيارتهما لها، إلا أن يخشى ضررا بزيارتهما، فيمنعهما دفعا للضرر.

قال ابن نجيم (حنفي) : " ولو كان أبوها زمِنا مثلا، وهو يحتاج إلى خدمتها، والزوج يمنعها من تعاهده، فعليها أن تعصيه، مسلما كان الأب أو كافرا , كذا في فتح القدير. وقد استفيد مما ذكرناه أن لها الخروج إلى زيارة الأبوين والمحارم، فعلى الصحيح المُفتى به: تخرج للوالدين في كل جمعة بإذنه وبغير إذنه، ولزيارة المحارم في كل سنة مرة بإذنه وبغير إذنه " انتهى من "البحر الرائق" (٤/٢١٢) .

وقال في "التاج والإكليل على متن خليل" (مالكي) (٥/٥٤٩) : " وفي العُتْبية: ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها، ويُقضى عليه بذلك، خلافا لابن حبيب. ابن رشد: هذا الخلاف إنما هو للشابة المأمونة , وأما المتجالّة فلا خلاف أنه يُقضى لها بزيارة أبيها وأخيها , وأما الشابة غير المأمونة فلا يقضى لها بالخروج " انتهى.

والمتجالة هي العجوز الفانية التي لا أرب للرجال فيها. "الموسوعة الفقهية" (٢٩/٢٩٤) .

وقال ابن حجر المكي (شافعي) : " وإذا اضطرت امرأة للخروج لزيارة والدٍ، أو حمام، خرجت بإذن زوجها غير متبهرجة، في مِلْحفة وثياب بذلة، وتغض طرفها في مشيتها، ولا تنظر يمينا ولا شمالا، وإلا كانت عاصية " انتهى من "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (٢/٧٨) .

وقال في "أسنى المطالب" (شافعي) (٣/٢٣٩) : " وللزوج منع زوجته من عيادة أبويها ومن شهود جنازتهما وجنازة ولدها، والأولى خلافه " انتهى.

وقال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة: " طاعة زوجها أوجب عليها من أمها، إلا أن يأذن لها " انتهى من "شرح منتهى الإرادات" (٣/٤٧) .

وقال في الإنصاف (حنبلي) (٨/٣٦٢) : " لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها , ولا زيارةٍ ونحوها. بل طاعة زوجها أحق ".

وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء": " ما حكم خروج المرأة من بيت زوجها من غير إذنه، والمكث في بيت أبيها من غير إذن زوجها، وإيثار طاعة والدها على طاعة زوجها؟

ج: لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه، لا لوالديها ولا لغيرهم؛ لأن ذلك من حقوقه عليها، إلا إذا كان هناك مسوغ شرعي يضطرها للخروج " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٩/١٦٥) .

ومما يدل على اشتراط إذن الزوج في زيارة الأبوين: ما جاء في الصحيحين في قصة الإفك، وقول عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: " أتأذن لي أن آتي أبوي ". البخاري (٤١٤١) ومسلم (٢٧٧٠) .

قال العراقي في "طرح التثريب" (٨/٥٨) : " وقولها: أتأذن لي أن آتي أبوي: فيه أن الزوجة لا تذهب إلى بيت أبويها إلا بإذن زوجها، بخلاف ذهابها لحاجة الإنسان فلا تحتاج فيه إلى إذنه، كما وقع في هذا الحديث " انتهى.

ومع ذلك فإن الأولى للزوج أن يسمح لزوجته بزيارة والديها ومحارمها، وألا يمنعها من ذلك إلا عند تحقق الضرر بزيارة أحدهم، لما في منعها من قطيعة الرحم، وربما حملها عدم إذنه على مخالفته، ولما في زيارة أهلها وأرحامها من تطييب خاطرها، وإدخال السرور عليها، وعلى أولادها، وكل ذلك يعود بالنفع على الزوج والأسرة.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>