أحرمت للعمرة ثم بدا لها أن لا تفعل فماذا يجب عليها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في الطائف وقررت أن أذهب إلى مكة لقضاء بعض الأيام هناك، وفي اليوم المحدد فكرت في الإحرام للعمرة، وبالفعل اغتسلت وقلت: " لبيك اللهم بعمرة لبيك اللهم لبيك " ثم قبل مغادرة المنزل طرأ لي ما جعلني أؤجل فكرة العمرة، وحيث إني امرأة فإنه لا يتغير كثير من حالي حين الإحرام، لذلك نسيت أني قد نطقت بالتلبية، فنزلت مكة ولم أعتمر، وقضيت هناك أياماً ثم رجعت إلى الطائف ليوم واحد ومنها أحرمت للعمرة ونزلت مكة واعتمرت (ولم أتذكر أنني قد لبيت المرة الأولى إلا عندما لبيت عند الميقات في المرة الثانية) ، فماذا عليَّ في ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على كل من أحرم بالعمرة والحج أن يتم نسكهما وإن كانا نفليْن؛ لقوله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله) ، ومن نوى الإحرام وترك تتمة النسك لغير عذر شرعي وقع في المحظور.
قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا كان لبس الإزار والرداء ولم ينو الدخول في الحج أو العمرة ولم يلب بذلك فهو بالخيار: إن شاء دخل في الحج أو العمرة، وإن شاء ترك ذلك، ولا حرج عليه إذا كان قد أدى حجة وعمرة الإسلام، أما إن كان قد نوى الدخول في الحج أو العمرة فليس له فسخ ذلك والرجوع عنه، بل يجب عليه أن يكمل ما أحرم به على الوجه الشرعي؛ لقول الله سبحانه: (وأتموا الحج والعمرة لله) ، وبهذا يتضح لك: أن المسلم إذا دخل في حج أو عمرة بالنية فليس له رفض ذلك، بل يجب عليه أن يكمل ما شرع فيه؛ للآية الكريمة المذكورة، إلا أن يكون قد اشترط، وحصل المانع الذي خاف منه فله أن يتحلل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير لما قالت: يارسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية، قال: " حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني " متفق على صحته. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (١١ / ١٦٦، ١٦٧) .
وبناء على هذا، فإن العمرة التي أديتها تقع عن العمرة التي أحرمت بها أولاً.
وأما محظورات الإحرام التي فعلتيها في تلك الأيام فإنها معفو عنها.
لأن الظاهر أنك كنت لا تعلمين تحريم فسخ نية العمرة بعد عقدها.
وقد سبق في إجابة السؤال (٣٦٥٢٢) أن من فعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أنه لا شيء عليه.
سئل الشيخ ابن عثيمين عن امرأة أحرمت بالعمرة ثم فسخت العمرة واعتمرت بعدها بعدة أيام عمرة أخرى فهل هذا العمل صحيح؟ وما حكم ما فعلته من محظورات الإحرام؟
فأجاب: هذا العمل غير صحيح، لأن الإنسان إذا دخل في عمرة أو حج حرم عليه أن يفسخه إلا لسبب شرعي قال الله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) ، فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل مما صنعت، وعمرتها صحيحة لأنها وإن فسخت العمرة فإنها لا تنفسخ العمرة، وهذا من خصائص الحج، والحج له خصائص عجيبة لا تكون في غيره، فالحج إذا نويت إبطاله لم يبطل، وغيره من العبادات إذا نويت إبطال بطل، فلو أن الإنسان وهو صائم نوى إبطال صومه بطل صومه، ولو أن المتوضئ أثناء وضوئه نوى إبطال الوضوء بطل الوضوء.
لو أن المعتمر أثناء العمرة نوى إبطالها لم تبطل، أو نوى إبطال الحج أثناء تلبسه بالحج لم يبطل.
ولهذا قال العلماء: إن النسك لا يرتفض برفضه.
وعلى هذا نقول: إن هذه المرأة ما زالت محرمة منذ عقدت النية إلى أن أتمت العمرة، ويكون نيتها الفسخ غير مؤثرة فيه، بل هي باقية عليه.
وخلاصة الجواب: بالنسبة للمرأة نقول: إن عمرتها صحيحة، وإن عليها أن لا تعود لرفض الإحرام مرة ثانية، لأنها لو رفضت الإحرام لم تتخلص منه.
وأما ما فعلته من المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها والجماع في النسك هو أعظم المحظورات فإنه لا شيء عليها، لأنها جاهلة، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه. اهـ من مجموع فتاوى ابن عثيمين (٢١/٣٥١) باختصار.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب