حد الوجه في الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أن حدود الوجه في الوضوء هي: من منبت الشعر إلي الذقن طولا ومن الأذن إلي الأذن عرضا. فهل هناك دليل علي ذلك أم هذا اجتهاد من العلماء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه هي حدود الوجه التي اتفق العلماء عليها، وهي حدوده من جهة اللغة التي نزل القرآن بها، فيكون الوصف والحد بدليلين شرعيين:
- من جهة إطباق العلماء وإجماعهم، وإجماعهم حجة.
- ومن جهة اللغة التي نزل بها القرآن، ونحن مخاطبون بها، ولا مخالف لها من جهة الشرع.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) المائدة/٦
قال أهل اللغة:
" والوَجْهُ مستقبَلُ كُلِّ شَيءٍ " انتهى.
"المحيط في اللغة" (١/٣١٤) – "كتاب العين" (٤/٦٦)
وقال القرطبي:
" الوجه في اللغة مأخوذ من المواجهة، وهو عضو مشتمل على أعضاء وله طول وعرض؛ فحده في الطول من مبتدأ سطح الجبهة إلى منتهى اللحيين، ومن الأذن إلى الأذن في العرض " انتهى.
"الجامع لأحكام القرآن" (٦/٨٣)
قال أيضا:
" والعرب لا تسمي وجها إلا ما وقعت به المواجهة " انتهى.
"الجامع لأحكام القرآن" (٦/٨٤)
وقال ابن كثير:
" وحَدُّ الوجه عند الفقهاء: ما بين منابت شعر الرأس - ولا اعتبار بالصَّلع ولا بالغَمَم - إلى منتهى اللحيين والذقن طولا ومن الأذن إلى الأذن عرضا " انتهى.
"تفسير ابن كثير" (٣/٤٧)
قَالَ الشيرازي رحمه الله تعالى
" ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَذَلِكَ فَرْضٌ لقوله تعالى: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)
وَالْوَجْهُ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إلَى الذَّقَنِ وَمُنْتَهَى اللَّحْيَيْنِ طُولًا , وَمِنْ الْأُذُنِ إلَى الْأُذُنِ عَرْضًا " انتهى.
قال النووي:
" هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَدِّ الْوَجْهِ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الْأُمّ " انتهى من المجموع (١/٤٠٥)
وقال النووي أيضا في "المجموع" (١/٣٩٩) :
" وَالْوَجْهُ عِنْدَ الْعَرَبِ مَا حَصَلَتْ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ " انتهى.
وقال الكاساني في "بدائع الصنائع" (١/٣) :
" وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَدَّ الْوَجْهِ , وَذَكَرَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ مِنْ قِصَاصِ الشَّعْرِ إلَى أَسْفَلِ الذَّقَنِ , وَإِلَى شَحْمَتَيْ الْأُذُنَيْنِ , وَهَذَا تَحْدِيدٌ صَحِيحٌ ; لِأَنَّهُ تَحْدِيدُ الشَّيْءِ بِمَا يُنْبِئُ عَنْهُ اللَّفْظُ لُغَةً ; لِأَنَّ الْوَجْهَ اسْمٌ لِمَا يُوَاجِهُ الْإِنْسَانَ , أَوْ مَا يُوَاجَهُ إلَيْهِ فِي الْعَادَةِ , وَالْمُوَاجَهَةُ تَقَعُ بِهَذَا الْمَحْدُودِ " انتهى.
وراجع: "دقائق أولي النهى" (١/٥٦) – "كشاف القناع" (١/٩٥) – "المغني" (١/٨٣) – "تبيين الحقائق" (١/٢) – "فتح القدير" (١/١٥) – "مطالب أولي النهى" (١/١١٣) – "رد المحتار" (١/٩٦) – "الموسوعة الفقهية" (٤/١٢٦) – "تفسير ابن كثير" (٣/٤٨) – "الكليات" (١٦٢٨) – "اللباب" (٧/٢١٩) – "تفسير البغوي" (٣/٢١) – "نظم الدرر" (٢/٤٠٣)
فقد اجتمعت أقوال المفسرين والفقهاء وأهل اللغة على أن الوجه هو ما تحصل به المواجهة، وأن هذا حده. وكفى بذلك حجة شرعية.
والله تعالى أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب