للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم ارتياد حمامات مختلطة، يكتب على جدرانها بعض آيات القرآن!

[السُّؤَالُ]

ـ[هناك حمام تركي في إحدى المدن الأوروبية حيث أعيش مكتوب على أحد جدرانه بعض الآيات القرآنية باللغة العربية كزينة، ويرتاد هذا الحمام الرجال والنساء مختلطين وليس عليهم إلا لباس السباحة، ولمن أراد أن يتعرى تماماً فهناك غرف خاصة لهذا الغرض. فما رأي الشرع في هذا؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

كتابة الآيات القرآنية أو تعليقها على الجدران يشتمل على مجموعة من المفاسد سبق بيانها في جواب السؤال رقم (٢٥٤) .

ويزداد الأمر سوءاً إذا كانت هذه الكتابة على جدران الحمامات التي تكشف فيها العورات ويرتادها الفساق، بل يُخشى أن يكون هذا فيه شيء من الاستهزاء بالقرآن الكريم، والاستهزاء بالقرآن الكريم كفر، وخروج عن الإسلام.

قال الله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة/٦٥، ٦٦.

قال القاضي عياض رحمه الله:

"اعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه أو سبهما فهو كافر عند أهل العلم بإجماع " انتهى.

"الشفا بتعريف حقوق المصطفى" (٢/٣٠٤) .

وقال السعدي رحمه الله:

" الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر مخرج عن الدين؛ لأن أصل الدين مبني على تعظيم الله وتعظيم دينه ورسله، والاستهزاء بشيء من ذلك مناف لهذا الأصل ومناقض له أشد المناقضة" انتهى.

"تفسير السعدي" (ص٣٤٢-٣٤٣) .

وإذا كان المسلم ممنوعاً من دخول الحمام ومعه مصحف، فكيف بكتابة آيات من القرآن على جدران الحمام؟!

وإذا كانت هذه الآيات مكتوبة على الجدار الخارجي للحمام - ولعله الأقرب - فتكون كأنها للدلالة على أن هذا الحمام إسلامي في الأصل، أو قد يكون هذا الحمام قديماً، وتم المحافظة على عمارته، ولكن دخله الفجور كما دخل غيره، ونحو ذلك، فهو مما لا يليق بلا شك، والواجب محو هذه الآيات عن جدران تلك الحمامات.

ثانياً:

أما اختلاط الرجال بالنساء، واغتسالهم جميعا في حمامات عامة بملابس السباحة، فهو من المنكرات الظاهرة، التي ينكرها كل صاحب عقل سليم وفطرة سوية لم تدنس، فضلاً عن إنكار الشرع لها.

روى مسلم (٣٣٨) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ)

قال النووي رحمه الله:

" فِيهِ تَحْرِيم نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل , وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة , وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ. وَكَذَلِكَ نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الرَّجُل حَرَام بِالْإِجْمَاعِ , وَنَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَظَرِ الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل عَلَى نَظَرِهِ إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة وَذَلِكَ بِالتَّحْرِيمِ أَوْلَى" انتهى.

وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ:

ينتشر في بعض المراكز الصيفية دورات للسباحة النسائية، وهذه المراكز لا تعير المسؤولات أي اهتمام بلباس السباحة للنساء مما يؤدي إلى كشف عوراتهن أمام بعضهن، فهل فكرة السباحة للنساء صحيحة؟ وهل يجوز لهن تعليم السباحة أمام بعضهن والبعض بملابس غير لائقة؟

فأجاب الشيخ حفظه الله:

" الحقيقة يا إخواني خروج المرأة عما حد لها ورسم لها في الشرع يسبب لها ولغيرها البلاء والفساد، فالمرأة لو كانت تتعلم السباحة في منزلها فإن أحدا لا يمنعها، لكن أن تخرج من منزلها إلى أماكن تعليم السباحة وبالصفة المذكورة وبملابس لا تستر عورتها فإن ذلك أمر مخالف للشرع، والواجب على أولياء البنات أن يتقوا الله فيهن، وأن يحفظوا تلك الأمانة فالله سائلهم عنها.

والواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يحافظ على عورات المسلمين، وأن يبادر بإغلاق تلك المسابح درءا للمفاسد المترتبة عليها لأن خروج المرأة ومخالطتها الأخريات وكشف عورتها أمام النساء، ونظرها إلى عوراتهن محرم " انتهى مختصرا.

"مجلة البحوث الإسلامية" (٦٨ / ٥٤ -٥٦)

فإذا كان هذا بالنسبة للمرأة مع المرأة، فماذا يقال بالنسبة للمرأة مع الرجل، والمرأة كلها عورة؟!

فالواجب عليك يا أخي الابتعاد عن هذه البيئة الموبوءة.

وعليك قبل ذلك أن تقوم بواجب النصيحة لصاحب هذا الحمام، بأن يتقي الله تعالى، ويخشى عقابه، ويمنع كشف العورات والاختلاط في هذا الحمام، بأن يجعل مكاناً للرجال، وآخر للنساء، ويجعل لكل شخص مكاناً خاصاً به، ويقوم بمحو الآيات القرآنية المكتوبة على جدران الحمام.

ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>