إغلاق الجوال أثناء خطبة الجمعة هل هو من اللغو الذي يبطل أجر الجمعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خلال خطبة الجمعة يرن الهاتف النقال لبعض الإخوة والخطيب يخطب الجمعة على المنبر، وبعضها يرن رنة موسيقية قريبة من تلك التي في الأغاني الماجنة، ويقوم من يرن هاتفه بإغلاقه خلال الخطبة، فهل هذا يعتبر من اللغو الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه؟ وهل يعني أن من لغا فلا جمعة له: أن أجر الجمعة أصبح كصلاة الظهر فقط؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
وضع نغمات الهاتف الجوال على نغمات موسيقية: منكر ومحرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم المعازف كلها، وانظر جواب السؤال رقم: (٤٧٤٠٧) .
وعلى من نسي إغلاق جواله أثناء خطبة الجمعة: أن يغلقه إذا رنَّ، حتى لو كانت نغمة الاتصال مباحة؛ لأن في إبقائه تشويشاً على الخطيب والمصلين، وإشغالاً لهم عن واجب الاستماع للخطبة.
ونرجو أن لا يكون إغلاقه للجوال داخلاً في اللغو المنهي عنه أثناء خطبة الجمعة، والمشار إليه في السؤال، وهو الوارد ذِكره في قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مسَّ الحصى فَقَدْ لَغَا) رواه مسلم (٨٥٧) .
وإنما ينطبق هذا الحديث على من يعبث بشيء يلهيه عن سماعه الخطبة، كالجوال، والسجاد، ونحو ذلك.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" في شرح حديث رقم (٩٣٤) عن جمهور العلماء أنهم قالوا فيمن احتاج أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر وقت الخطبة أنه يفعل ذلك بالإشارة.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم:
"فَفِي الْحَدِيث النَّهْي عَنْ جَمِيع أَنْوَاع الْكَلَام حَال الْخُطْبَة ... وَإِنَّمَا طَرِيقه إِذَا أَرَادَ نَهْي غَيْره عَنْ الْكَلَام أَنْ يُشِير إِلَيْهِ بِالسُّكُوتِ إِنْ فَهِمَهُ" انتهى.
وعلى هذا فالحركة اليسيرة التي تفعل لغرض صحيح، وليست عبثا، لا حرج فيها أثناء خطبة الجمعة.
ثانياً:
معنى قوله صلى الله عليه وسلم (لَا جُمْعَة لَهُ) لمن لغا أثناء خطبة الجمعة: أنها تُكتب له ظهراً، ويحرم ثواب صلاة الجمعة.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ لَهُ ظُهْراً) رواه أبو داود (٣٤٧) وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"قال النضر بن شميل: معنى (لغوت) : خبتَ من الأجر، وقيل: بطلتْ فضيلة جمعتك، وقيل: صارت جمعتُك ظهراً.
قلت (ابن حجر) : أقوال أهل اللغة متقاربة المعنى، ويشهد للقول الأخير: ما رواه أبو داود وابن خزيمة من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا: (ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً) ، قال ابن وهب - أحد رواته -: معناه: أجزأتْ عنه الصلاة، وحُرم فضيلة الجمعة" انتهى.
" فتح الباري " (٢ / ٤١٤) .
وقال بدر الدين العيني رحمه الله:
"قوله: (كانت له ظهراً) أي: كانت جمعته له ظهراً، بمعنى: أن الفضيلة التي كانت تحصل له من الجمعة: لم تحصل له، لفوات شروط هذه الفضيلة" انتهى.
" شرح سنن أبي داود " (٢ / ١٦٩) .
فالواجب على القادمين لصلاة الجمعة تعظيم شعائر الله تعالى، ومن ذلك: سكون جوارحه من العبث، وسكوت لسانه عن التكلم، وإلا أثم، وصارت جمعته ظهراً.
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
"لا شك أن المسلم مأمور حالة خطبة الجمعة بالاستماع، والإنصات، وقطع الحركة، فهو مأمور بشيئين:
أولاً: السكون، والهدوء، وعدم الحركة، والعبث.
ثانيًا: هو مأمور بالسكوت عن الكلام، فيحرم عليه أن يتكلم، والإمام يخطب، ويحرم عليه كذلك أن يستعمل الحركة، والعبث، أو يمسح الحصى، ويخطط في الأرض، أو ما أشبه ذلك" انتهى.
" المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان " (٥ / ٧١) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب