للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حديث: (إنها صفية) هل يدل على ستر الوجه؟

[السُّؤَالُ]

ـ[لماذا لا يحتج القائلون بوجوب تغطية الوجه والكفين بهذا الحديث والذي أرى في حدود علمي أنه من الأدلة القوية على وجوب تغطية الوجه والكفين؟ والحديث هو: عن صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا) . رواه البخاري (٢٠٣٥) ومسلم (٢١٧٥) . ووجه الاحتجاج أنهما لو رأيا وجهها لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة لإخبارهما عن شخصها؟ لذا أرجو التوضيح]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لا شك أن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها كانت تستر وجهها عن الرجال الأجانب لأن زواجها من النبي صلى الله عليه كان بعد نزول آية الحجاب، فامتثلت قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/٥٩.

والنساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم – بعد نزول الحجاب – كن يسترن وجوههن، قال البخاري رحمه الله في صحيحه:" بَاب (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا) .

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "قَوْله: (مُرُوطهنَّ) جَمْع مِرْط وَهُوَ الْإِزَار , وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة (أُزُرهنَّ) ، قَوْله: (فَاخْتَمَرْنَ) أَيْ غَطَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ " انتهى.

والاستدلال بحديث صفية على أن النساء كن يسترن وجوههن، مما يمنع تمييز صفية من غيرها، يمكن أن يورد عليه احتمال، وهو امتناع الرؤية لأجل ظلام الليل، لقول صفية رضي الله عنها: (فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً) ومعلوم أن الطرقات لم يكن بها مصابيح.

ثم إن الحديث في ستر صفية رضي الله عنها وجهها، وهي من أمهات المؤمنين، ولا يخالف أحد أن الحجاب الكامل كان واجباً على أمهات المؤمنين، وإنما الخلاف في وجوبه على غيرهن.

ثم إن الحديث مجرد فعل منها، ليس فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم لها بستر الوجه.

وعلى كل حال، فالحديث لا يخلو من مناقشات، ولهذا لم يستدل به العلماء - فيما نعلم - على وجوب ستر المرأة وجهها عن الرجال الأجانب، وهناك أدلة أخرى أوضح وأصرح؛ ذكرناها في جواب السؤال رقم (١١٧٧٤) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>