للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحكم بما أنزل الله

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يعتبر عادلاً من حكم بغير ما أنزل الله بدون أن يظلم الناس؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الأمة الإسلامية أمة واحدة ذات عقيدة واحدة وشريعة واحدة , ولما كان لا بد لكل رعية من راع ولكل أمة إمام يقودها إلى الخير ويدفع عنها الشر , لذا أوجب الإسلام نصب حاكم على الأمة يختاره المسلمون يحكمهم بكتاب الله , وسنة رسول الله صلى الله عله وسلم.

وقد بعث الله رسله لإقامة شرع الله والحكم بالحق والعدل. كما قال سبحانه: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) ص/٢٦.

ومهمة الحاكم حكم المسلمين بالكتاب والسنة وتطبيق العدل على الأمة كافة وإقامة الحدود ونشر الإسلام وحماية الأمة والجهاد في سبيل الله قال تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به) النساء/٥٨.

والعدل أصل عظيم من أصول الإسلام , يتسع للمسلم وغيره: (ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) المائدة/٨.

وحاكم المسلمين مسؤول عن رعيته يحكمهم بشرع الله ويتفقد أحوالهم ويأخذ بأيديهم إلى ما يسعدهم في الدنيا والآخرة قال عليه الصلاة والسلام (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته , فالأمير الذي على الناس راع ومسؤول عن رعيته ... الحديث) رواه مسلم برقم ١٨٢٩.

والله خلق الناس وأنزل الوحي وبعث إليهم الرسل ليحكموهم بما أنزل الله ومن لم يحكم بما أنزل الله فقد كفر كما قال سبحانه: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) المائدة/٤٤.

والحاكم إذا حكم بكتاب الله , وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وجبت طاعته وحرمت مخالفته , أو الخروج عليه قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً) النساء/٥٩.

وإذا حكم الحاكم بغير ما أنزل الله أو أمر بمعصية الله , فلا سمع ولا طاعة.. قال عليه الصلاة والسلام: (على المرء المسلم السمع والطاعة , فيما أحب وكره , إلا أن يأمر بمعصية , فلا سمع ولا طاعة) رواه مسلم/١٨٣٩.

والحاكم أمين على الأمة يجب عليه أن يحكمهم بشرع الله ويرفق بهم وينصح لهم , فإن لم يفعل وجب نصحه فإن لم يستجب اختار المسلمون حاكماً غيره من الأتقياء الأقوياء.

وللحاكم المسلم العادل فضل عظيم ومقام كريم يوم القيامة قال عليه الصلاة والسلام: (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين , الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) رواه مسلم/١٨٢٧.

والحاكم إذا ظلم رعيته أو غشها ولم ينصح لها حرم الله عليه الجنة قال عليه الصلاة والسلام: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) رواه مسلم/١٤٢.

وقال عليه الصلاة والسلام: (ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة) رواه مسلم/ (كتاب الإمارة/٢٢) .

والإسلام منهج عام لجميع الأمة فينبغي بل يجب أن يستوي جميع الأفراد في التلقي منه والعمل به والدعوة إليه والجهاد من أجله.

وقد توعد الله كل من حارب دين الله أو وقف لمن يجهر بكلمة الحق في بيوت الله أن يخزيه في الدنيا ويعذبه في الآخرة كما قال سبحانه: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) البقرة/١١٤.

وكل من فتن المسلمين في دينهم , أو آذاهم , أو خذلهم فهو في النار إن مات ولم يتب كما قال سبحانه: (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق) البروج/١٠.

والصدع بكلمة الحق واجب على كل مسلم في كل زمان ومكان وقد أمر الله رسوله ببيان الحق وتكفل بحفظه من عدوه فقال سبحانه: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين، إنا كفيناك المستهزئين) الحجر/٩٤-٩٥.

وأعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.

والحاكم في الولايات العامة أو الخاصة مأجور إذا كان عالماً مجتهداً فإذا حكم فإن أصاب الحق فله أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة وإن أخطأ فله أجر واحد , أجر الاجتهاد كما قال عليه الصلاة السلام: (إذا حكم الحاكم فاجتهد , ثم أصاب فله أجران , وإذا حكم فاجتهد , ثم أخطأ فله أجر) أخرجه مسلم/١٧١٦.

[الْمَصْدَرُ]

من كتاب أصول الدين الإسلامي تأليف الشيخ محمد بن إبراهيم التويجري.

<<  <  ج: ص:  >  >>