من فوائد الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي فوائد الحج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إن الله تعالى بحكمته نَوَّع العبادات على الخلق ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، وأقوم سبلاً، فإن الناس يختلفون في مواردهم ومصادرهم، فمنهم من يتقبل القيام بنوع من العبادات لأنه يلائمه ولا يتقبل النوع الآخر لأنه لا يلائمه، فتجده في النوع الأول منقاداً مسرعاً، وفي الثاني متثاقلاً ممانعاً، والمؤمن حقاً هو الذي ينقاد لما يرضي مولاه لا لما يوافق هواه.
ومن تنوع العبادات تنوع أركان الإسلام، فمنها ما هو بدني محض يحتاج إلى عمل وحركة جسم كالصلاة، ومنها ما هو بدني لكنه كف عن المحبوبات التي تميل إليها النفس كالصيام، ومنها ما هو مالي محض كالزكاة، ومنها ما هو بدني مالي كالحج.
فالحج جامع للتكليف البدني والمالي، ولما كان يحتاج إلى سفر وتعب أكثر من غيره لم يوجبه الله تعالى في العمر إلا مرة واحدة، ونص على اشتراط الاستطاعة فيه، والاستطاعة شرط للوجوب فيه وفي غيره، لكن الحج أمس بها من غيره، هذا وللحج فوائد عظيمة منها:
١- أنه قيام بأحد أركان الإسلام التي لا يتم إلا بها، وهذا يدل على أهميته ومحبة الله له.
٢- أنه نوع من الجهاد في سبيل الله، ولذلك ذكره الله تعالى بعد ذكر آيات الجهاد. وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة حين سألته هل على النساء جهاد؟ قال: (نعم؛ عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة) .
٣- الثواب الجزيل والأجر العظيم لمن قام به على الوجه المشروع، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وقال: (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) , وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحجاج والعمار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم) رواه النسائي وابن ماجة.
٤- ما يحصل فيه من إقامة ذكر الله وتعظيمه وإظهار شعائره مثل التلبية، والطواف بالبيت وبالصفا والمروة، والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار وما يتبع ذلك من الذكر والتكبير والتعظيم، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) .
٥- ما يكون فيه من اجتماع المسلمين من جميع الأقطار وتبادل المودة والمحبة والتعارف بينهم، وما يتصل بذلك من المواعظ والتوجيه والإرشاد إلى الخير والحث على ذلك.
٦- ظهور المسلمين بهذا المظهر الموحد في الزمان والمكان والعمل والهيئة، فكلهم يقفون في المشاعر بزمن واحد، وعملهم واحد، وهيئتهم واحدة، إزار ورداء، وخضوع، وذلك بين يدي الله عز وجل.
٧- ما يحصل في الحج من مواسم الخير الديني والدنيوي وتبادل المصالح بين المسلمين، ولذلك قال الله تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) الحج/٢٨. وهذا يعم منافع الدين والدنيا.
٨- ما يحصل من الهدايا الواجبة والمستحبة من تعظيم حرمات الله، والتنعم بها أكلاً وإهداء وصدقة للفقراء، فمصالح الحج وحكمه وأسراره كثيرة" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (٢٤/٢٣٩) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب