للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تابت من علاقة محرمة وفقدت بكارتها فهل تتزوج من زنى بها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا على علاقة بشاب أفقدني عذريتي، وأنا الآن لست بكراً، وأنا تبت من هذا الفعل، أدعو الله أن يتقبل التوبة، وهذا الشاب تقدم لخطبتي، ولكن هو ليس ملتزماً، ومثل أي شاب في شرب الحشيش، والسجاير، والخمر، ماذا أفعل هو أولى بي بعد فعلته، أم أتركه وأعمل عملية ترقيع غشاء وأتزوج بآخر ملتزم؟ علماً بأني كنت حامل منه وأجهضت نفسي، ويعلم الله صدق توبتي؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

الزنا من كبائر الذنوب، وقد حرَّم الله تعالى فعل الأسباب المؤدية له، وشرع الحد على فاعله، وتوعد الزناة بالعذاب في الآخرة.

قال الله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) الإسراء/ ٣٢.

قال ابن جرير الطبري – رحمه الله –:

(لا تَقْرَبُوا) أيها الناس.

(الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً) يقول: إِن الزّنا كان فاحشة.

(وَساءَ سَبِيلاً) يقول: وساء طريق الزنا طريقاً؛ لأنه طريق أهل معصية الله، والمخالفين أمره، فأسوئ به طريقاً، يورد صاحبه نار جهنم.

" تفسير الطبري " (١٧ / ٤٣٨) .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله –:

والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه فإن: (من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه) خصوصاً هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه، ووصف الله الزنى وقبحه بأنه (كَانَ فَاحِشَةً) أي: إثما يستفحش في الشرع، والعقل، والفِطَر؛ لتضمنه التجري على الحرمة في حق الله، وحق المرأة، وحق أهلها، أو زوجها، وإفساد الفراش، واختلاط الأنساب، وغير ذلك من المفاسد.

وقوله: (وَسَاءَ سَبِيلا) أي: بئس السبيل سبيل من تجرأ على هذا الذنب العظيم.

" تفسير السعدي " (ص ٤٥٧) .

وانظري أجوبة الأسئلة: (٧٦٠٦٠) و (٢٠٩٨٣) و (٩٥٧٥٤) .

ثانياً:

أما بخصوص الإجهاض: فإن كان الجنين قد نفخت فيه الروح: فتكون هذه جريمة أخرى غير جريمة الزنا، وإن لم ينفخ فيه الروح: فالأمر أهون.

وانظري تفصيل هذا في أجوبة الأسئلة: (١١١٩٥) و (١٣٣١٩) و (١٣٣٣١) و (٩٠٠٥٤) .

ثالثاً:

نحمد الله أن وفقك للتوبة، ونرجو أن تكون توبة صادقة، ومن شروط التوبة الصادقة: الندم على ما اقترفتِ من جرم، والإقلاع المباشر عن تلك الفاحشة، وعن كل ما يؤدي إليها، من اتصال، أو مراسلة، أو مواعيد، ومن شروط التوبة – كذلك -: العزم على عدم الرجوع لهذا الفعل المبتذل.

كما أنه عليكِ الإكثار من الأعمال الصالحة، من صلاة، وقراءة للقرآن، وصيام، حتى يتقوى جانب الإيمان والتقوى في نفسك، والحسنات يذهبن السيئات، والتوبة الصادقة تجبُّ ماقبلها، وتبدل السيئات حسنات، قال تعالى – بعد أن ذكر جرائم الشرك، والقتل، والزنا -: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الفرقان/ ٧٠.

رابعاً:

أما بخصوص زواجك من ذلك المجرم: فاعلمي أنه يشترط لصحة زواج الزاني والزانية التوبة الصادقة، والذي ظهر لنا من سؤالك أنه ليس تائباً من فعله، بل زاد على بلائه الأول أنه ما عليه من سوء الحال، وتناول الحشيش، وشرب المسكرات، والذي نظنه – كذلك – فيمن هذه حاله: أنه لا يصلي، فإن صدق هذا الظن: فإنه يُجزم بعدم جواز القبول به زوجاً؛ لأن ترك الصلاة كفر مخرج من الإسلام، ولا يحل للمسلمة نكاح الكافر.

وانظري تفصيل القول في مسألة نكاح الزاني: أجوبة الأسئلة: (٨٥٣٣٥) و (٨٧٨٩٤) و (٩٦٤٦٠) .

خامساً:

أما بخصوص إجراء عملية رتق لغشاء البكارة: فهو أمر محرَّم، وفيه غش وتدليس على الزوج الذي يتقدم للزواج منك.

وانظري تفصيل المسألة في جوابي السؤالين: (٨٤٤) .

وبخصوص إخبار زوجك عن فقدانك غشاء البكارة من تلك العلاقة المحرمة: لا يجوز؛ لما فيه من الفضح لنفسك، والمسلم مأمور بالستر على نفسه، ويمكنك استعمال التورية في كلامك، والمعروف أن غشاء البكارة يُفقد من غير جماع في بعض الأحيان، فيمكن استثمار ذلك في التورية.

وانظري – في ذلك – جوابي السؤالين: (٤٢٩٩٢) .

على أنه إذا أمكن أن يوجه هذا الشخص إلى التوبة النصوح، وإقام الصلاة، وظهر على حاله أن جاد في ذلك، وأنه أظهر التوبة، وأقام الصلاة؛ فلا بأس من قبوله زوجا؛ وهذا الحل لا شك أنه أيسر الأمر لك، وأستره عليك، لكن من لنا بصدق هذا؟!

نسأل الله أن يتقبل توبتك، ويصلح أمرك، ويستر علينا وعليك في الدنيا والآخرة.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>