تبغض زوجها وتخشى أن تقع في الزنا إذا استمرت معه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من خمس سنوات ولست على وفاق مع زوجي ولا أطيعه وتم الانفصال مرتين وهو ضعيف جنسيا عندما عدت إليه هذه المرة أشعر أني لا أطيقه ولا أرغب في العيش معه ولكن سبب رجوعي إليه ابني وقد ارتكبت جريمة الزنا أريد التوبة وتكفير هذا الذنب العظيم ولكني أشعر أن استمراري معه سيؤدي إلى استمراري في هذا الذنب هل أنفصل عنه للمرة الثالثة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الزنا ذنب عظيم، وجرم كبير، لا سيما ممن أنعم الله عليها بالزواج، فبدلت نعمة الله كفرا، وخانت زوجها، ودنست عرضه، ولوثت فراشه. ولهذا كان عقاب هذه المتزوجة أن ترجم بالحجارة حتى تموت، نكالا من الله عز وجل، والله عزيز حكيم.
لكن من رحمته سبحانه أنه يلطف بعبده، ويمهله، ويدعوه للتوبة، ويقبلها منه، ويثيبه عليها، فما أرحمه، وما أعظمه، وما أكرمه سبحانه وتعالى.
قال عز وجل: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الفرقان/٦٨- ٧٠
فاستمري في توبتك وإنابتك، وتضرعي إلى الله تعالى أن يقبلها منك، وكوني على حذر من النفس الأمارة بالسوء أن تغتري بحلم الله عليك، وستره لك، فإنه سبحانه يمهل ولا يهمل، ويغضب فينتقم.
ثانيا:
يجب عليك أن تسدي كل باب إلى الحرام، من تبرجٍ أو اختلاط أو مراسلة أو مهاتفة، وهذا من تمام توبتك واستقامتك، وأن تحذري من خطوات الشيطان، فإن للشيطان خطوات ومقدمات يستدرج بها أولياءه، كما قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/٢١
ثالثا:
إذا كنت لا ترغبين في البقاء معه، ولا تطيقينه، وتخشين مع ذلك أن تقعي في الزنا، فلا حرج عليك في طلب الطلاق، لكن ينبغي أن تتدبري في عاقبة هذا الأمر وحالك بعده، واستخيري الله تعالى قبل أن تقدمي عليه، وراجعي السؤال رقم (١١٩٨١) لمعرفة ما يتعلق بصلاة الاستخارة
ومما يدل على جواز طلب الفراق عند بغض الزوج وعدم احتمال البقاء معه، ما رواه البخاري في صحيحه (٤٨٦٧) أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. [زاد ابن ماجة (٢٠٥٦) : لا أطيقه بغضاً] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً) .
ومعنى: " ولكني أكره الكفر في الإسلام ": أي أكره أن أعمل الأعمال التي تنافي حكم الإسلام من بغض الزوج وعصيانه وعدم القيام بحقوقه.. ونحو ذلك.
انظر "فتح الباري" (٩/٤٠٠) .
ولكننا نشير عليك قبل الإقدام على طلب الطلاق أن تجتهدي في الإصلاح أولاً، فإن الطلاق مما يكرهه الله تعالى ولا يحبه، فحاولي أن توسطي رجلاً عاقلاً من أهلك يكلم زوجك ويتعرف على أسباب المشكلة ويحاول التوفيق بينكما، وما ذكرتيه من ضعفه يمكن التفاهم مع زوجك فيه بكل صراحة، فإن الله لا يستحي من الحق، وإن كان الأمر مرضاً عارضاً فلا حرج من عرضه على الطبيب.
فإن ضاقت بك السبل ولم تنفع محاولات الإصلاح، فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى من طلب الطلاق.
نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب