ـ[أرجو منكم إفادتي بما يجب فعله شرعا بما يرضي الله. أنا طبيب شاب تزوجت منذ ثلاث سنوات، وكانت خطيبتي (زوجتي الآن) شخصية ممتازة جداً. وكانت متفاهمة. وبعد الزواج تغير الحال فقد كنت مديونا وكانت تعلم كل دخلي ومع ذلك كانت تطالبني بمصروف خاص بها ولما حاولت إقناعها بالصبر حتى أسدد ديوني وأنها ينبغي أن تساعد على ذلك أقامت الدنيا وأخبرت حماتي التي ظلت (تلح) عليّ ولكني رفضت، ثم طالبت بالعمل مع أننا اتفقنا على عدم العمل إلا لو أنني كنت غير قادر على الكسب. وجعلت حماتي (تلح) علي كثيرا جداً حتى وافقت. وبعدها ظهرت الكثير من المشكلات، فقد كانت وما زالت تعامل أبي وأمي بشكل غير لائق ووصل الأمر للإهانة. ورزقنا الله بعد زواجنا بطفلة يحسدنا عليها الناس. المهم أنها خرجت من البيت بغير إذني أكثر من مرة ولم يردعها الكلام ولا الهجر في الفراش ولا الضرب. وفضحتني وسط سكان العمارة التي نسكن فيها لأنها كانت تحكي عن مشاكلنا للسكان والجيران ولأصدقائها وأقاربها، وفشلت المحاولات معها حتى إن شيخ المسجد كلمها دون فائدة. ونتيجة لذلك جف قلبي من ناحيتها، وتعددت الخلافات وتم الطلاق مرتين ورجعنا من أجل بنتنا الصغير التي وهبنا الله إياها. ومؤخرا جاء حماي وحماتي من السفر وذهبت إليهم بحجة أنها ستمكث بضعة أيام معهم واستمر ذلك الوضع لثلاثين يوماً بحجة أن أباها مريض وأمها كبيرة في السن، ولما طالبت برجوعها هي وابنتي إلى منزلي رفضت وعندما تكلمت مع والدها رفض رجوعها إلى منزل الزوجية. وهددتهم باللجوء للقضاء ولم يهتموا، واكتشفت غياب الأوراق الرسمية الخاصة بزوجتي وابنتي وجواز سفرهما والذهب (أخذتهم قبل ذهابها لبيت أهلها) أشيروا علي أفادكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن كان الأمر كما ذكرت فقد أخطأت زوجتك أخطاء عدة، من خروجها بغير إذنك، واستمرارها في بيت أهلها، ورفضها الرجوع إليك بغير مبرر ظاهر، وقبل ذلك إلحاحها في الخروج إلى العمل مخالفةً لما تم الاتفاق عليه بينكما، ومعاملتها غير اللائقة لوالديك، وإفشائها لأسرار بيتها.
والذي نشير عليك به هو أن تسلك ما أرشد إليه رب العالمين بقوله:(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) النساء / ٣٥ فتخيرْ رجلا من صالحي أهلك، ليتفاوض مع رجل من صالحي أهلها، فما حكما به فالزمه فإن فيه الخير والفلاح. وإن حكما بالطلاق فلا تحزن، لقوله تعالى:(وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً) النساء / ١٣٠
فإن لم ينفع معها أمر الحكمين فلك أن ترفع الأمر إلى القضاء لإلزامها بالرجوع إلى بيتها، أو التفريق بينكما على ما يراه القاضي.
واحرص خلال هذه الفترة على ضبط تصرفاتك وأقوالك، فإن الشيطان حريص على التفريق بين الزوجين، وقد يكون للكلمة أثر عظيم، في ظل وجود الخلاف والشقاق، وسل الله تعالى أن يلهمك رشدك، وأن يوفقك لما فيه الخير لك ولابنتك، ولا تقدم على أمر حتى تستخير الله تعالى، واحذر من العجلة فإنها لا تأت بخير، وعليك بالرفق والحلم والأناة، فكم من أسرة أوشكت على الانهيار، ثم عادت إليها الحياة والبهجة والألفة.
وعد إلى نفسك ففتش عن أخطائها، وأصلح ما بينك وبين ربك، ليصلح لك ما بينك وبين خلقه، فإن للطاعة والمعصية أثرا في استقامة البيوت أوخرابها.
نسأل الله أن يصلح حالكما، وأن يوفقكما لطاعته ومرضاته.