تسكن مع عائلة زوجها رغم وجود شقة منفصلة!
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه ليست حالتي وحدي ولكنها تخص كثيراً من النساء الذين يُردن الحجاب الشرعي "النقاب"، نحن نعيش مع أزواجنا مع عائلاتهم في منزل واحد، أي: يوجد إخوة رجال معنا في نفس المنزل، ولا يوجد خادمة، فنحن من نقوم بالأعمال المنزلية، وهي كثيرة وشاقة، ولا مانع من أن يدخل أحد أقارب أزواجنا كالعم والخال بدون إذن، فالبيت مفتوح، وإذا قمنا بتنظيف البلكون يرانا الجيران وجميع من في الشارع.
فهل يصح لنا ارتداء النقاب عند الخروج فقط؟ أم نرتديه في المنزل من الصباح وحتى المساء؟ علما بأن هذا سيكون شاقّاً جدّاً علينا، وأنا لي شقتي الخاصة، ولا ندخلها إلا عند النوم، فنحن نقيم مع عائلة زوجي المكونة من أخ واحد وأمه، مع العلم أننا بإمكاننا أن نستقل بأنفسنا في المعيشة، ولكن زوجي لا يريد ذلك، ماذا نفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يتأكد وجوب الحجاب في الحالات التي تكون مظنة وقوع الفتنة، واجتماع الأسرة الكبيرة في بيت واحد، تجتمع فيه الزوجة مع إخوة زوجها، أو مع أبناء العم أو الخال، كل ذلك مدعاة لانكسار حاجز الحياء، وطمع النفوس فيما يمليه الشيطان ويزينه، فحينئذ لا بد من محافظة المرأة على ستر وجهها أمام غير المحارم، وتحمل المشقة في سبيل ذلك.
وفي موقعنا مجموعة من الأسئلة التي هي شبيهة بهذا السؤال، وقد سبق فيها التأكيد على وجوب الحجاب والستر، فيمكنك مراجعتها والاستفادة منها، ومنها: (٦٤٠٨) ، (١٣٢٦١) ، (٤٠٦١٨) ، (٤٧٧٦٤) ، (٥٢٨١٤) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:
" أما أخو الزوج، أو زوج الأخت، أو أبناء العم، وأبناء الخال، والخالة، ونحوهم: فليسوا من المحارم، وليس لهم النظر إلى وجه المرأة، ولا يجوز لها أن ترفع جلبابها عندهم؛ لما في ذلك من افتتانهم بها، فعن عقبه بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) متفق عليه،
والمراد بالحمو: أخو الزوج، وعمه، ونحوهما؛ وذلك لأنهم يدخلون البيت بدون ريبة، ولكنهم ليسوا بمحارم بمجرد قرابتهم لزوجها، وعلى ذلك لا يجوز لها أن تكشف لهم عن زينتها، ولو كانوا صالحين موثوقاً بهم؛ لأن الله حصر جواز إبداء الزينة في المحارم فقط، وليس أخو الزوج ولا عمه ولا ابن عمه ونحوهم منهم، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) والمراد بـ " ذي المحرم " مَنْ يحرم عليه نكاحها على التأبيد لنسب، أو مصاهرة، أو رضاع: كالأب، والابن، والأخ، والعم، ومن يجري مجراهم، وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لئلا يرخي لهم الشيطان عنان الغواية ويمشي بينهم بالفساد ويوسوس لهم ويزين لهم المعصية، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ومن جرت العادة في بلادهم بخلاف ذلك بحجة أن ذلك عادة أهلهم أو أهل بلدهم فعليهم أن يجاهدوا أنفسهم في إزالة هذه العادة، وأن يتعاونوا في القضاء عليها والتخلص من شرها، محافظة على الأعراض، وتعاوناً على البر والتقوى، وتنفيذاً لأمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى مما سلف منها، وأن يجتهدوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويستمروا عليه، ولا تأخذهم في نصرة الحق وإبطال الباطل لومة لائم، ولا يردهم عن ذلك سخرية أو استهزاء من بعض الناس، فإن الواجب على المسلم اتباع شرع الله برضا وطواعية ورغبة فيما عند الله وخوف من عقابه، ولو خالفه في ذلك أقرب الناس وأحب الناس إليه " انتهى.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (٤ / ٢٥٦ - ٢٥٨) .
والنصيحة للزوج أن يسعى جاهدا للاستقلال بالمسكن عن أسرته، ولا يتساهل في مثل هذه الأمور، فقد استرعاه الله رعية يجب أن يحافظ عليها، وليس في الإصرار على العيش مع أسرته وإخوانه في مكان واحد محافظة عليها.
وليس من حقوق الزوج على زوجته أن يجبرها على المعيشة مع أهله، بل يجب عليه أن يجهز له سكناً مستقلاً متى طلبت ذلك، وقد سبق تفصيل ذلك بأدلته وأقوال العلماء في جواب السؤال رقم (٧٦٥٣) .
ومثل هذه الحال التي ذكرتيها لا تخلو من منكرات، فإنه يشق على المرأة أن تلبس حجابها الكامل ـ حتى في البيت ـ من الصباح إلى المساء، ولا يمكنها أن تقوم بأعمال المنزل وهي بحجابها الكامل، فلابد من كشفها لوجهها ويديها.....وغير ذلك، وحينئذ يراها أخو زوجها وغيره ممن لا يجوز لهم رؤيتها، ولا يجوز لها أن تخلع حجابها أمامهم.
فلا يجوز للزوج أن يلزم زوجته بذلك، فينقص إيمانها، وينتزع منها الحياء شيئاً فشيئاً، فإنه راع ومسئول عن رعيته.
وقد ذكرت في سؤالك أن لك شقة خاصة، فما الذي يمنع زوجك من إحسان عشرتك والمحافظ عليك، في شقتك الخاصة، بدلاً من الإقامة الدائمة ـ طوال النهار ـ مع أهل زوجك، مع ما فيها من مشقة عليك ووقوع فيما حرم الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يهدي زوجك لما فيه خيركما في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب